منبر حر لكل اليمنيين

هل يملك اليمنيون كل هذه الرفاهية ليختلفوا حول ١١ فبراير؟

24

يقف اليمنيون على بعد١٤ عاما من ١١ فبراير/ ومازالوا في كل ذكرى يصدقون في مواجهة بعضهم ويرمون سهامهم نحو بعضهم، ويسفهون بعضهم بعضا، طرف يقول هي ثورة ولكنها سرقت وكأنها شيء مادي تم سرقته وانتهى الأمر، وطرف آخر يحملها كل الانهيارات، حتى تلك التي هو جزء منها.

وأنا هنا لمخاطبة الذين ما زالوا يصرون على أنها ثورة ويزعمون أنها سرقت، وسأسلم معهم بأنها ثورة وأطلب منهم أن نقيم منجزات هذه الثورة، فإن وجدنا لها إيجابية واحدة، علينا أن نتشبث بها ونراكمها وإذا لم نجد، فعلينا أن نفكر بطريقة أخرى في التغيير .

بالتأكيد هذا الحديث لمن ألقى السمع وهو شهيد وليس لمن يحمل أسفارا، لأننا نريد وجهات نظر تساند ولا تعاند، ودعونا نرى أول شيء إلى رأس هرم السلطة، هل لدينا رئيس منتخب، سيقول البعض وهل انتخاب الرئيس مقياس لنجاح الثورة أو فشلها، أقول نعم، لأن الانتخاب يعبر عن الإرادة الشعبية التي تقوم الثورات لأجلها، فأهم استحقاق لأي ثورة هو تحرير الإرادة الشعبية .

ما هو قائم اليوم هو مليشيات تمتد بامتداد الجغرافيا الوطنية، هذه المليشيات تضاعف من اللعنات على ١١ فبرير سواء من الرافضين لها أو من الذين اكتشفوا الخديعة التي وقعوا فيها وأفاقوا منها بعد كل هذا الخراب المادي والمعنوي وبعد كل هذا التمزيق الجغرافي والاجتماعي والسياسي .

سيقول أنصار ١١ فبراير لقد أسقطنا التوريث، وسيرد عليهم الواقع بالقول أسقطتم التوريث الأرضي وعززتم التوريث السماوي، أسقطتم التوريث الذي كان بالإمكان تجاوزه مع التطور الديمقراطي وجسدتم التوريث الذي يرتبط بالإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله وباليوم الآخر.

كان لدينا ديمقراطية وأحزاب سياسية ومنظمات ونقابات وكنا نسافر إلى جميع دول العالم والعالم يأتون إلينا، وهذا لا يعني حنين لاستعادة الماضي، بقدر ما هو بحث عن ما هو أفضل منه، وليس ١١ فبراير/ بأحسن منه، لأننا لا نعيش الحرية ولا العدالة والمساواة التي وعدت الناس بها .

قالوا إن النظام السابق كان عائقا أمام الأحزاب السياسية، فأين هي اليوم هذه الأحزاب، لقد تحولت جميعها إلى مليشيات، كان هناك سلطة ومعارضة وإرادة شعبية قادرة على اجتذاب المواطن للعمل وصنع القرار السياسي داخليا وخارجيا، والأهم من هذا كله الزعم بأن ثورة فبراير سرقت، فمن الذي سرقها، وجميع من يدير المشهد هم ثوار فبراير ابتداء بالحوثي شمالا والانتقالي جنوبا وحكومة معين المقالة ومن بعدها حكومة بن مبارك، فلماذا غاب عن هؤلاء الإنجاز الثوري؟!

أختم حديثي بما بدأته، بأننا نحتاج إلى تجاوز الإعاقة الذهنية التي أصابت البعض بين مادح ل ١١ فبراير وبين قادح لها وعلينا أن نعيد تفكيرنا بأدوات التغيير والذهاب نحو المستقبل لإنقاذ أنفسنا من هذا التيه والضياع، فنحن لا نملك رفاهية مزيد من التشرذم والتفكك، وأنا على يقين بأن هناك من طبع الله على قلوبهم وهؤلاء لا يستطيعون الذهاب نحو المستقبل ولا يجيدون العيش إلا في الماضي، لذلك المشاريع الماضوية ناجحة، ولهذا نجح الحوثي والانتقالي، بما يحملون من مشاريع ماضوية لا تمت للمستقبل بصلة.

تعليقات