ملايين اليمنيين يواجهون مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي
يواجه ملايين اليمنيين مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي الحاد بفعل استمرار الصراع وتصعيد المليشيات الحوثية في البحر الأحمر وما سيسببه ذلك من انعكاسات اقتصادية وانخفاض في المساعدات.
وكشفت بيانات أممية خاصة بالتصنيف المرحلي، أن ما يقرب من 4.56 مليون شخص أو 45% من السكان في المحافظات الواقعة ضمن نفوذ الحكومة المعترف بها، يواجهون مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي الحاد (AFI)، خلال الفترة من أكتوبر 2023 إلى فبراير 2024.
وتشير البيانات إلى حدوث زيادة في حدة انعدام الأمن الغذائي في التحليل الأخير بنسبة 12% في عدد الأسر التي تواجه مستوى الأزمة في توفر الغذاء الكافي لها، مقارنة بالتحليل السابق الذي أجري في النصف الثاني من العام الماضي 2023.
وأفادت بيانات الفاو بأن تصعيد الحوثيين هجماتهم على الملاحة في البحر الأحمر وخليج عدن أدى إلى انخفاض واردات القمح إلى اليمن خلال الشهر الماضي بنسبة 43 في المائة في موانئ البحر الأحمر، و37 في المائة إلى ميناءي عدن والمكلا الخاضعين لسيطرة الحكومة المعترف بها دولياً.
وبدأت المليشيات المدعومة من إيران هجماتها ضد سفن الشحن منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وهو ما جعل رسوم الشحن تتضاعف إلى نحو أربعة أضعاف مع تجنب كبريات الشركات الملاحة في البحر الأحمر.
ووفق النشرة اليمنية للسوق والتجارة الصادرة عن منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو)، فإنه وبالمقارنة بشهري نوفمبر وديسمبر الماضيين، انخفضت واردات حبوب القمح عبر موانئ البحر الأحمر الخاضعة لسيطرة الحوثيين خلال شهر يناير الماضي وكذلك في ميناءي عدن والمكلا الخاضعين لسيطرة الحكومة المعترف بها دولياً بشكل ملحوظ.
وأوضحت أن التراجع سجل نسبة 43 في المائة و37 في المائة على التوالي، كما ارتفع مؤشر أسعار المستهلك الشهري لجميع البنود بنسبة 7 في المائة خلال 11 شهرا مضت.
بيانات الفاو أكدت أن أسعار المواد الغذائية والمشروبات ارتفعت بنسبة 6 في المائة مع ارتفاع الأسعار في جميع الفئات، وذكرت أن هذه الزيادات تعكس ارتفاع تكاليف النقل، ورسوم تحويل الأموال الباهظة بين المحافظات الخاضعة لسيطرة الحكومة إلى مناطق سيطرة الحوثيين، وانخفاض قيمة العملة المحلية مقابل الدولار، فضلاً عن زيادة الطلبات الموسمية.
وأشارت المنظمة الأممية “الفاو” إلى التحديات المالية والاقتصادية المتزايدة، والقدرة المؤسسية المحدودة، وضعف البنية التحتية، والفجوة المتزايدة في الخدمات الأساسية، وكذلك الصراع بين الفصائل التابعة للحكومة اليمنية، كلها عوامل تؤثر سلباً في مسار العمل الإنساني والاستقرار المعيشي والاقتصادي.
وأوضحت أن زيادة انعدام الأمن الغذائي ترجع بالأساس إلى تفاقم الأزمة الاقتصادية، واستمرار الصراع، والارتفاع الكبير في أسعار المواد الغذائية الأساسية، وانخفاض المساعدات الإنسانية وعدم انتظامها، والآثار السلبية لإعصار (تيج)، الذي ضرب المناطق الساحلية الجنوبية الشرقية للبلاد في الأسابيع الأخيرة من أكتوبر 2023، وهذه “الصدمات مجتمعة أدت إلى تآكل بعض المكاسب التي تحققت من تحسن الوضع الأمني عقب انتهاء فترة الهدنة”.
يذكر أن تحليل التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي هو نتاج شراكة متعددة الوكالات بين عدد من منظمات الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية الدولية، تضم 13 شريكاً، أبرزها اليونيسف والفاو وبرنامج الغذاء ومجموعة الأمن الغذائي العالمي وهيئة إيغاد، ومنظمات العمل ضد الجوع وأوكسفام وكير ورعاية الأطفال، وشبكة أنظمة الإنذار المبكر بالمجاعة وغيرها، وتقوم بتحليلات دورية لوضع الأمن الغذائي في كل البلدان التي تعاني من الأزمات الإنسانية حول العالم.
فيما حذرت الأمم المتحدة من أن أكثر من نصف سكان اليمن بحاجة إلى الخدمات الإنسانية وخدمات الحماية، ويكررون الدعوة لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد.
وقال المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة ستيفان دوجاريك، إن أكثر من 18 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات الإنسانية، وفق خطة الاستجابة التي تم إطلاقها الأسبوع الماضي متضمنة الاحتياجات الملحة للعام الجاري، وتسعى إلى جمع حوالي 2.7 مليار دولار لدعم 11 مليون شخص في جميع أنحاء البلاد.
وأكد المتحدث باسم الأمم المتحدة، أن اليمن لا يزال يعاني من “أحد أعلى معدلات سوء التغذية المسجلة على الإطلاق”، وبحسب مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية، فإن حوالي 12.4 مليون شخص يفتقرون إلى الوصول الكافي إلى مياه الشرب الآمنة، مما يزيد من خطر الإصابة بالأمراض المعدية، في حين لا يزال أكثر من 4.5 مليون طفل خارج المدرسة ويفتقدون الفرص التعليمية.
وكانت الغرف التجارية وجمعيات البنوك والصرافين قد شددت عقب لقاء موسع على ضرورة دعم البلاد بوديعة مالية كافية تغطي قيمة الواردات الضرورية من السلع والخدمات والمرتبات، وما يغطي حركة رأس المال إلى الخارج.
وطالب المجتمعون بضرورة إنجاز تسوية ضرورية في هيكل الأجور والمرتبات لكافة موظفي الخدمة المدنية ورفع معاشات المتقاعدين وانتظام صرف الأجور والمرتبات والمعاشات شهرياً دون تأخير.