منبر حر لكل اليمنيين

الرعد

38

شعر/ عبد الودود سيف

حين يخلو العيش من مللِِ
يصبح العيش هو المللُ.
أو أتى الناسُ الى أملِِ
قُرُّعوا منه بما أمِلوا.
الأماني الصِيدُ زخرفةٌ
في الفمِ الجائعِ تُنْتَحلُ.
ما على الجوعى بها حرجُُ
لو أسرٌوها أو اتسلوا
يا أماني العمرِ في سفري
جادني غيثُ الشجى الهطِلُ
مهج العشاقِ من شغفٍ
واذا سالتْ فلا تسلوا
جثتي هذي؛ سأشعُلها
فوق أنقاضي ، وأشتعلُ.

* * *
أيها الماشون في تعبي
قبل أن اسقطَ ، أحتفل
في مهبِّ البوحِ لي وطنٌ
أتولّاهُ …ويمتثلُ
…حزنه الممشوقُ يصعدُ بي
في مهاويه، ويرتحلُ.

***
وتراََ يصدحُ في شفتي
ودماََ يُتْلى ويُرتَجلُ
وأسىََ يَترى على عجلٍ
وشجىََ أسرى به العجلُ
ومُدىََ تلمع نازفةََ
في نزيفِِ ليس يندملُ
وانا أولدُ في كفنٍ..
من مراثيهِ …وأكتملُ.
* * *
ايها الماشُون في تعبي
لا ثوىً يُجدي ولا رَحَلُ
سرو هذا الليلِ من ضجري
والغَضا الغاضِنُ والأسَلُ
ومطايا الطلحِ يحدِجُها
فوق اعناقَ الدُجى الرُسُلُ
وبمسرى الغيمِ لي رحَلُ
وبمهوى الريحِ لي نزَلُ
لكَأن الليلَ معمعةٌ
وطبولُ اليأسِ بي نُصُلُ
شهبي في الأفقِ ناكسةٌ
ونجومي بَلْسَمٌ عَطِلُ
ودمي الناحلُ يكبرُ بي
كلما انحلهُ النحَلُ
لا هوىً في القلبِ انثرهُ
في مواجيدي ، ولاغزَلُ
كلّ من اعرفهم عنِسُوا
او تلاشوافيهِ او ضَحِلوا
اَيتي اهذي وحسبهمو
انني من شغلهم شَغِلُ
في عيون مابها حُدُقٌ
تستوي الاقْذاء والكُحلُ
وسوى البوح انا سَكِرٌ
وسوى السُكْرِ انا ثَمِلُ
حُجُبٌ ناءتْ على حُجِبٍ
ودياجٍ مابها سبُلُ
من مجير القلبَ من لهفي؟
انني أهذي …وينفعلُ
كلما يُصغي أفضْتُ بهِ
فوقَ ما أقوى ، ويحتمل
…يرحق النحلُ شذى زَهَرٍ
ثم يُجْنى من فمي العَسَلُ

* * *
مُدُنٌ تبلى فتهدمني.
زمنٌ يصْبا فأكتهلُ
ودُنىً تسطعُ أفلةً
ودُنىً روّجها الأفَلُ
وانا أرجعُ من ندمٍ
يسبقُ السيفَ بهِ العذلُ

* * *
صار للأحزانِ عاصمةٌ
ومماليكٌ لهمْ نَسَلُ
في مفيضِ الحلمِ كم أمماً
اتملاّها. وكم دولُ
واذا أغْضِّي أرى جِيَفأً
مَثُلَتْ في عَفْنِها مُثُلُ
…وهديلاً كنتُ اسكنهُ
صار ينعى بومَهُ الطللُ
يرقب الموتى شفاعتهم
من ضحايانا…ولم يزلوا
كل ما في الموتِ من بَطَرٍ
فاءه النُكْصَانُ والخذلُ
وعدا الشطحُ لهمْ لُغةْ
يملقُ الخَطْلَ بها الدجلُ
لو شهرنا زيفهم رجلا
انكرونا انه رجلُ
غير مأسوفٍ على زمن
جدَّنا الجدُّ بهِ هزلُ

٢

ياجنان الخلد في ” عدن ”
اين منك السدرُ والأثلُ
ملأوا العمرَ لنا املاً
وانقضى العمرُ ولا أمل.
…لم اشاهدْ قطٌ معجزةً
غير انْ أُبلى..واحتملُ
كلما اسطعُ من قمرٍ
صار مثواه بيَ الوحَلُ

* * *
…ايها الثاوون في تعبي
في اوان الحزن مُتَّسل.
تعبٌ يفضي الى تعبٍ
وخُطَىً تُدمى وتُنْتَّعلُ
وقذىً تزهو بهِ مقلٌ
وقذىً تعمى بهِ مقلُ
منتهى الحلم لكم أملٌ
فاقتفوا احلامكم؛ تصلوا.

٣/١٩/عام ١٩٩٢م

تعليقات