منبر حر لكل اليمنيين

سَيِّدي الرَّئيس لستَ بَيْنَنَا حتَّى نَكونُ بِخَيْر

34

لمجرد قراءة العبارة التي عنونت بها هذا المقال سينتفض العشرات من المتابعين لي في وسائل التواصل الاجتماعي والذين أحبهم وابادلهم كل التقدير؛ وسيشعرون بالاستفزاز.

يتساءل الكثيرون ما سر حب محمد لصالح، أو الدفاع عنه، إن جاز التعبير، هل الأمر مجاملة، أم نفاق، أم مصلحة، أم عاطفة جياشة مبالغ بها، أم هروب من حقائق يحاول جهلها، أم كل شيء أو لا شيء من ذلك؟

الراجح لا شيء، مجرد قناعات تدفعها بصيرة قلقة، ورؤى تحيطها شكوك من سلامة الواقع الذي نعاينه، واستحضار التاريخ أو استدعاء أحداثه وفلسفتها دون الاعتراض على سنن التغيير التي لا تُرهق الفرد ولا تُغرق الجماعة في الهُتافات التي تقف على بنيان هش كما في “ربيعنا العربي”.

محمد المحسوب على طبقة المثقفين والأدباء، المتطلع الذي عاش فترة صالح بكل ما فيها من متناقضات الأجيال من تنمية وصراع سياسي وديني وقبلي واجتماعي وديمقراطي ووحدة وطن وتلاقح لهجات وعادات وفساد وركود؟

مرحلة خليط الحزبي المتعصب والصوفي الهادئ المنكفئ على نفسه والسلفي الباحث عن جذور الدين المتمسك بسنن النبي، والإخواني المنشغل بالسلطة ورأس المال، والصفوي الذي يعانق طهران عن بعد، والناصري الذي يرى نفسه في قلب القومية وشعارات السبعينيات وأنه الأحق بالحكم وان الشهيد إبراهيم الحمدي فلتة واسطورة وكل من أتى بعده لا شيء، والاشتراكي الذي يعتقد مرحلة جنوب الوطن كانت نموذجا جبارا يجب احياؤها رغم كل علامات الاستفهام، والبعثي الذي رأى في صدام كل العروبة وظل يستلم المخصصات حتى توفي البعث العربي كله، أم القبيلي الذي ارتبط بدول الجوار يستلم المرتبات من الدولة في الداخل والمخصصات من الأشقاء في الخارج وعند الحسم يضطر للانقسام مثل حبة فول.

لماذا محمد اضمر العداء لساحات الاعتصام وحشود الثوار أو بالأصح لم يلحق بها ولو من باب المجاملة أو حتى التجربة أو التعبير عن حال البلد الذي كانت عليه من ركود لا يوازي باقي المجتمعات وبعض الدول؟

الحقيقة أسئلة واجهتها ولا أزال في المقايل والتجمعات وعبر منصات التواصل الاجتماعي على الخاص والعام طيلة ما يقارب ال13 عاما ولا أزال أسكن نفس الدائرة وذات الأسئلة، وهي أمور واردة في ظل التباين الحاد في الرؤى والتفكير والتعبير أيضا وفي صورة التفاعل والحماس لكل ما دار ويدور حولنا وهذه سنن كونية ليس كل الأشخاص متساوون في ردود الأفعال والتعاطي مع الوقائع.

المخيف في الوقت نفسه أن تكون هذه الأسئلة واردة في ظل “الثورة البرتقالية” و”الربيع العربي” و”الفوضى الخلاقة” في الشرق الأوسط و “حروب الجيل الخامس”؛ ومشروع التهجير والتجريف، وإحياء الطائفية والعصبيات من قبل المخابرات ومراكز الأبحاث العالمية، بمعنى أن الأمر يتطلب قراءة واعية من أجل الانخراط في فعل جماهيري واسع التمثيل والنطاق محسوبة عواقبه بأقل الخسائر.

الخوض مع الجماهير يحتاج إلى بصيرة خاصة عندما يكون خلف تلك الجماهير دافع تحركه رغبة القيادات وأصحاب المصالح المختلفة، ومنظومة الإعلام الخفي الذي ينتهي عند المحرك الأول ولا يدركه المتحمس في الشارع؛ وإن تجلت بعض الحقائق وظهرت الالاعيب يصبح الفرد المنخرط غير قادر على التراجع وإعادة الحسابات، يخاف أن يسقط يعتقد أنه إن فعل ذلك سيصاب بالهزيمة.

هذه ليست محاكمة بقدر ما هي توضيح لمن لا زال يعتقد أن توجهه وحماسه ورؤيته هي الانجع، فبمجرد ما كتبت بوست مرفق مع صورة الرئيس الشهيد علي عبد الله صالح بعد نجاته من جريمة تفجير مسجد دار الرئاسة وعودته من رحلة علاجية تكللت بالنجاح في المملكة العربية السعودية، علق البعض في الخاص مستنكرين تمسكي بصالح أصل كل المشاكل حسب قولهم؛ اعرف أن العشرات من الأصدقاء سياسيين ومثقفين وأدباء وزملاء عمل ودراسة غير راضيين عن ما أكتبه بخصوص الرئيس صالح أو أحد من أولاده أو عائلته الكريمة؛ لكن الثابت أن الآراء محل تباين والمحبة من الله.

في خضم الربيع العربي كنت أقول لبعض الأصدقاء طالما أن المرحلة مرحلة تغيير حقيقية وليست موجة أو موضة وتقليد.. لماذا نصر على أن من في الساحات والشوارع كل الشعب؟ ولماذا لا يكون لدينا في اليمن صورة مختلفة لعملية التغيير عما هي عليه دمشق وتونس والقاهرة وطرابلس؟ كانوا يسخرون بقولهم هذا فعل ثوري لا يحتمل التأويل أو المهادنة؛ وكما قال الفنان عادل امام يا “أسود يا ابيض”، والحمد لله رب العالمين أسود أسود.
والله المستعان!!

تعليقات