سقيفة الأقيال
كثيرونَ هُمْ مَن لا يُريدونَ أنْ تُرَى
فلا تَبْتَئسْ ما دُمْتَ أسْمى وأكْبَرَا
أظُنُّ اسْمَكَ المُلْقَى على الشَّطِّ لَم يَزَلْ
بمَقدورِهِ أنْ يَمنحَ البَحْرَ جَوْهَرا
فلا تَلْتَفِتْ مهما اللّيالي تَقاذَفَتْ
عليكَ، فلنْ تُخْفيكَ ما دُمْتَ “حِمْيَرا”
بأَمْسِكَ إنّ الفَخْرَ لا شَيْءَ، إنّما
تَماسَكْ به كيْ لا تَمُوتَ وتُقْبَرا
تَماسَكْ بذِكْرى النَّجْمِ، يا أيُّها الذي
سَقَطْتَ، لكيْ لا تَأْلَفَ القاعَ والثَّرى
تَأَفَّفْ مِن الأصفارِ، إنْ صِرتَ جارَها
لَعَلَّكَ لا تَغْدو أَقَلَّ وأَصْغَرا
وظَلَّ على إدراكِ أنَّكَ مِن عَلٍ
وَقَعْتَ؛ لكيْ يَبْقَى اتّصالُكَ بالذُّرَى
سَماؤكَ لا تَقْبَلْ بها هذهِ الحَصَى،
ولا ببَني “غَمَدانَ”، بَيْتًا مِن العرا
وقُلْ: إنّ “صَنعاءَ” السَّعْيدةِ أسْلَمْتَ
لتَزْدادَ سَعْدًا، لا لتَبْكيْ تَحَسُّرا
وأَسْلَمَ “غَمْدانٌ” ليَزْدادَ رَفْعَةً
وليسَ لكيْ يُلْقَى الى الحَشْرِ في “حِرَا”
رَضِينا -لنُرْضِيْ اللّهَ- “طَهَ” ودَينَهُ
وليس لكي نُرضي “عَلِيًّا” وما ذَرا
مُحَمّدُ لَم يُذْهِبْ ب”كِسْرى وقَيْصَرٍ”
ليَجْعَلَ مِن أَبْناهُ” كِسْرى وقَيْصَرا
مِنْ الكُفْرِ تَصْويرُ النَّبِيِّ مُحَمَّدٍ
أتَانا لنَعْمى، أو لنَشْقى بما نرى
هُرَاءٌ، هُرَاءٌ، أنتَ يا عاصِرَ اسْمِهْ
وأَلْقابِهِ حتى يُفَجِّرَ أَنْهُرا
هُرَاءٌ، وحِقْدٌ أنتَ، والسَّيْفُ لَم يَعُدْ
صدَيقَكَ، مُذْ قام “الثُّلايا” ليَثْأَرَا
أتَعْرَفُ كَمْ صارَ “الزُّبيريْ” وصَحْبُهُ
و”أيَلولُ” كَم أضْحى كِتابًا وخِنْجَرَا
كثيرينَ جِدًا، صارَ مَن لا تُحِبُّهُم
ولو زِدْتَهُم بُغْضًا سيَغْدُونَ أكَثَرا
ولولاكَ ما صاروا كثيرًا، وإنّما
بهِمْ ضِقْتَ فازْدادوا لكيْ تَتَفَجَّرَا
وإنّكَ لو أحْبَبْتَهُم، أو تَرَكْتَهُم
لَما كَثروا، لكِنْ كَرِهْتَ لتَضْجَرَا
مِن الصَّعْبَ أنْ يَهْديْكَ نايٌ وآيةٌ
وما زلتَ للشّيطانِ حِبْرًا، ودَفْتَرا
هُرَاءٌ، هُرَاءٌ أنتَ، يا أيُّها الذي
أرَادَ على أنْفاسِنا أنْ يُسَيْطِرا
أتَعْرَفُ كَمْ “نَشْوانُ” يَعْني لوَحْدِهِ؟
وكَمْ صَوْتُهُ يَعني قُرُونًا وأَعْصُرَا؟
كَبيرونَ جِدًا نحنُ لولا وُقُوفُنا
لأُوْشَكَ غيرُ اللّهِ أنْ يَتَكَبَّرا
كَبُرنا، فأدْرَكْنا بأنّ مُحَمَّدًا
بمَعْنى السَّما ما جاءَ إلّا لنَكْبُرَا
وباللَّهِ آمَنّا وأمّا بغيرِهِ
فما جاءَنا الإسلامُ إلّا لنَكْفُرَا
هشام باشا الشاعر العظيم جدا