لماذا يمن علينا السعوديون بأنهم ساعدونا ؟
كلما قرأت لكاتب سعودي وجدته متذمرا من اليمنيين ويصفهم بأنهم ناكرين للجميل وجاحدين للمعروف الذي قدمته المملكة لهم ، ولست أدري هل هؤلاء من كثرة عبوديتهم لملوكهم أصبحوا فعلا لا يرون إلا بعيون ملوكهم ، أم أنهم فقدوا حاسة الإدراك والتقدير وأصبحوا لا يدركون ما آلت إليه اليمن بسبب الحرب التي قادتها بلادهم بدون هدف أو استراتيجية .
تعالوا نتتبع الحرب التي قادتها بلادكم على اليمن لنرى ما هي المنجزات التي حققتها واليمنيون ينكرونها ، ففي ٢٦ مارس قادت المملكة تحالفا عربيا من ستة عشر دولة دمرت فيه الطيران الحربي وأجهزة الرادار وشبكات الاتصالات ، بهدف إسقاط انقلاب الحوثيين ، وسعت إلى إصدار قرار أممي يشرعن لها الحرب ويشرعن رئاسة عبد ربه منصور هادي .
بعد ذلك عادت لتسقط الرئيس هادي وتستبدله بثمانية كانت قد أسست لمعظمهم مليشيات مسلحة خارجة عن الشرعية التي تزعم أنها تدعمها ، لتفسح المجال إلى دوافع غير قابلة للسيطرة وفشل ذريع في استعادة الشرعية ، ليتضح للجميع أن الهدف الخفي للمملكة هو تدمير الدولة وليس بناؤها وإسقاط الشرعية وليس استعادتها ، والتعايش مع الحوثيين وفتح حوار معهم .
ولكي نقترب أكثر ، فلابد من الاقتراب من المساعدات التي يقدمها مركز الملك سلمان وكذلك الودائع التي تقدم بين الحين والآخر ، فقد فشلت هذه فشلا ذريعا ، حيث أهدرت نصيبا وافرا من الاعتمادات ، ولم تأت بنتيجة نتيجة للسياسات الخاطئة .
نستطيع القول ، إن مهمة السعودية باءت بالفشل على جميع الأصعدة ، ليس في جانبها العسكري فحسب ، وأصبحت تبحث عن سبيل للخروج من ذلك المأزق مقابل تخلي الحوثي عن مهاجمة الآراضي السعودية وتريد طي صفحة المسألة اليمنية ، وهي لا تبالي كثيرا بالتخلي عن الشرعية ، فقد وصلت إلى قناعة بعبثية الخيار العسكري ، لكنها لم تصل إلى قناعة بعبثيتها بالقرار اليمني وفرضها على اليمنيين مجلس قيادة جميع أعضائه يتقاضون مرتباتهم من الخارج وفرض حكومة أثبتت كل التقارير أنها الأكثر فسادا وانحطاطا في العالم .
وهنا تبدو السعودية أمام اختبار عسير بعد الفشل الذريع في اليمن ، فكل هذه الدماء التي أريقت والأموال التي أهدرت كانت عبثا ، لتكشف السعودية عن محدودية قدراتها في مواجهة إيران التي التهمت كل المناطق التي كانت تتواجد فيها المملكة وأصبحت اليمن حدثا تاريخيا يتم أرشفته في الوقت الراهن ولم نجد أحدا يذرف الدموع على سقوط الشرعية ولم يشغل أحد باله بالدولة ومؤسساتها .
فعلى أي جميل تريدون أن نشكركم ، ها هي صنعاء وعدن وتعز ومأرب وكل المدن اليمنية تبدو عبارة عن أزقة مظلمة بعد عشر سنوات من دعم الشرعية الذي قدمته السعودية ، لتثبت أنها غير قادرة على تقديم نظام لليمنيين وأن ما قامت به كان مهمة فاشلة ، أنتجت مجلسا وحكومة فاشلين وأسست لفساد لو وزع على الكرة الأرضية لفاض ، فهل تريدون من اليمنيين أن يشكرونكم على تدمير الدولة وتقوية الحوثي والتضييق على العاملين في المملكة ، بالرغم من وجوب دعمهم وفق القانون الدولي كونها تخوض حربا في بلدهم ؟!