منبر حر لكل اليمنيين

الرعوي يحمل حقله معه

17

يتذكر الرعوي
وهو يقولُ لامرأة: أحبك
صوت جدته،
وتاريخ المقدس،
والقبيلة، دفعةً…
ويقول لحظتها: أريدُ..
أريدُ ماءْ

وكلما هبت رياح
أو رنا قمر إليهْ
استيقض المحراث
في جنبيهْ،
فالرعوي يحمل حقله.. معه،
وينظر دائما،
جهة السماءْ.
أريد يا الله ماءْ…
وعليه فأسٌ من مخاوف والديهْ..
وعليه إسم لا يدلُّ عليهِ.
فضفاضٌ كجبة جده البيضاء.

[فالرعوي يلبس ما يناسبه غدا؛]
ولذاك من أسمائهم:
سيف،
ودبوانٌ،
ومعد،
هكذا يتوارثون الأرض والأسماء.

والرعوي يولدُ من جنازة جده.
فيصير شاهدَ قبره،
العالي،
وحائط ذكرياتْ.
ليذكر الأحياء بالموتى. وتلك طقوسهم،
في دفن ماضيهم، وتصفية الحساب
مع الحياةْ..

حياته شأن جماعي،
من الميلاد حتى القبر،
يولد صامتا،
ومحدقا،
في الأفق.
محتجا على الدنيا.
ويحمل إسمه حجرا على كتفيهْ..
قال أبوه: [يا ابني
الإسمُ أولُ لبنة في الدار]

فاختر يا بني حجار بيتك جيدا،
وأضف هنا في تلة الأسماء،
دارا أحمر الشرفات،
مرتفعا على اسم أبيك،
يا ابني فالعلو من الأساس،
علو ما تحت الثرى
جدي وجدك يا بني،
وجدة الأسماء،
هذي الأرض،
جدتنا الكبيرة
والسماء هي السماء
مساحة علوية للدار،
إن بيوتنا مفتوحة الأبواب
تنهض قبل صوت الديك
في آذار،

واحفظ كبرياء الثور،
فهو كرامة الرعوي،

– ماذا يفعل الرعوي في هذا الشتاءْ؟
> يعلم الأرض البقاءْ
على قرون سهيل،
حتى موسم العلَّان،
يدفع نسبة مئوية
من عمره للريح،
كي يحيا،
ويكمل سيرة الصبار

لكن لا يفكر بالرحيل عن البلاد،
يحبها، ويخط بالمحراث
ذاكرة وماءْ
يشتم عطر ترابها
ويصيح: لن أمضي إلى الأرض البعيدة
لن أكون هناك أكثر من هنا
فأنا ابن هذي الأرض،
تلك وصية الأشجار:
من لا ينتمي للأرض
ليس له انتماء

ولأنه الرعوي
لم يحلم بشيء
منذ مات الوعل في الأعلى،
وهم يتوسلون الشمس أسنان الغزال
أريد يا الله ماء

أقول للرعوي:
إن الله مثل الماء
يشبه من يراه
يقول:
إن الله للرعوي ماء
الله للرعوي ماء

تعليقات