الطريق إلى إسقاط الأوطان محفوف بالعواطف الكاذبة
أصبح لدينا نحن اليمنيون ميلا كبيرا لتغليب العاطفة على العقل ، فخطبة حماسية تجمعنا وعنتريات تخدعنا حتى وإن قادتنا إلى الهاوية ، لازلنا نتتبع خطى الجاهلية ، نصنع آلهة من الجهلة لنعبدها ، نسير مدفوعين بغريزة القطيع خلف مهرجين اختارتهم لنا الصدفة ، ليس لديهم أي قدرة للقيادة سوى تبعيتنا المطلقة لهم .
نقدس من يدمر الوطن ونهتف باسمه ، نهتف بحياة مجرمي الحرب الذين أضاعوا البلد واستباحوه وحولوه إلى ساحة لكل من هب ودب ، قتلوا منا أكثر من نصف مليون وضعفهم من الجرحى وتشريد الملايين وألقوا الكثير من الرجال والنساء في غياهيب السجون ، لم يسجل لهم التاريخ سوى حروب ونزوات وجنون ، فلا تنمية ولا نهضة ولا أمن ولا استقرار .
كل زعيم عصابة يحيط نفسه بمجموعة من الأبواق ، مهمتهم الأساسية تصوير الهزيمة نصرا ، ولهاث المواطن خلف لقمة العيش تضحية من أجل النصر في المعركة ، ولو فكرنا قليلا وتأملنا بعقول مفتوحة ، فلن نجد أثرا لهذه المعركة التي يتحدثون عنها ، كل ما يجري هو حرب علينا وعلى وجودنا .
نقنع أنفسنا بوضعنا المزري ونتنازل عن مرتباتنا من أجل الانتصارات الوهمية التي تتداولها وسائل الإعلام ، ولو أننا استخدمنا عقولنا لبعض الوقت ، سنجد أننا لم نحرر فلسطين ولم نهزم إسرائيل ، فكل ما فعلناه هو رفع كلفة الشحن الذي يتأذى منه المواطن حول العالم ، أما شركات الشحن فتتقاضى أسعارا مرتفعة ، نتحدث عن فتح الحصار عن غزة ونحن نعيش حصارا في تعز وعدن وصنعاء .
ننحاز إلى مواقف تؤدي الى مآزق أشد وتوريط البلد في مشاكل أكبر ، فالطريق إلى إسقاط الوطن مفروشا بالنوايا الطيبة ، لكنها لا تقود بالضرورة إلى سياسات صائبة ، وللأسف فإننا نفصل مجريات الحرب في اليمن بعيدا عن التشابك في السياسة الدولية .
هناك تسابق على الشحن العاطفي وخاصة ما يجري في البحر الأحمر والمبالغة فيما يحصل هناك واعتماد روايات مزيفة لاستمالة الرأي العام بعيدا عن إخضاع الأحداث للتحليل النقدي ، لذلك أتباع كل طرف من الأطراف التي قادت اليمن إلى الحرب والخراب يسقطون في فخ الانتقائية التي تجعلهم موزعين بين معسكرين متضادين لا يجتمعان ، بحيث يتم التركيز على الشجرة التي تخفي الغابة .