أفكر في عمل آخر غير الصحافة
أفكر في عمل آخر غير الصحافة
كأن أعمل حفار قبور..
أحتاج أن أشترك في نادٍ رياضي
لتقوية عضلات يدي..
يداي مترهلتان بسبب الكتابة.
مقبرة الرحمة قريبة من بيتي
لا تحتاج إلى مواصلات
ولن أكون مضطراً لحلاقة ذقني
وتحسين مظهري..
يكفي ثوب أبيض كتمهيد لارتداء الكفن.
على الأقل سأضمنُ جنازة أدفنها كل يوم،
الموت رائج خلال هذه السنوات..
تذكرت حفار القبور الذي أجريت معه حواراً صحفياً ذات يوم
قال لي إنه دفن أربع جنازات في يوم واحد،
شعر أنه محظوظ
عاد إلى بيته محملاً بالفاكهة واللحم والخبز،
وسدد ديون البقالة..
قال لزوجته: يا له من يوم جميل.
تذكرت أنني لا أتقن شيئاً..
عضلاتي لا تستطيع حمل طفل في الرابعة
وأنا جبان حين أسمع المشيعين يعبرون من شارعنا،
لا أسأل عن صاحب الجنازة
ولا أفكر في الذهاب معهم لنيل الثواب..
أخاف من رائحة المشاقر وعطر جنة النعيم،
أخاف من رؤية الميت لحظة إدخاله اللحد
وهو ملفوف ومربوط كطفل مقمط.
لن أستطيع النوم بعد كل هذا..
سأعيد المعول الذي اشتريته بالأمس
وسأقول للحداد إن الرجل الذي يعمل في مزرعتنا الكبيرة قد اشترى حراثة لفلاحة الأرض..
أفكر الآن بشراء حراثة لحفر القبور
لأن عضلاتي لا تقوى على الحفر والردم.