إيران وإثيوبيا.. الفتنة في البحر الأحمر
لا حل قريبًا لأزمة التهديدات الأمنية للملاحة في البحر الأحمر، كما بات الاستقرار في القرن الأفريقي في مهب الريح، مع إصرار إيران وإثيوبيا على النفخ في نيران الحرب،
أما عن إيران، فقد خصصت جزيرة يمنية على سواحل البحر الأحمر، كقاعدة عسكرية لها؛ بهدف تزويد الحوثيين بالسلاح والمواد الكيمائية، وتهديد الأمن في الممر الملاحي الدولي، ولتكون محطة انطلاق لعملياتها التوسعية القادمة.
طهران كانت تعمل منذ أكثر من عام في جزيرة كمران من خلال البناء والتشييد العسكري، وحفر الأنفاق، وإنشاء خزانات ضخمة للوقود بمختلف أنواعها، إضافة إلى تشييد ورش عديدة لتصنيع وتركيب الصواريخ البالسيتة والطيران المسير.
-إعلانات-
وبتوجيهات الحرس الثوري الإيراني، يجري ربط رأس عيسى بمحافظة الحديدة بالجزيرة، لتسهيل عمليات نقل وتهريب السلاح والمخدرات إلى داخل اليمن.
مزاعم محاربة إسرائيل والولايات المتحدة
وتشهد الجزيرة أعمالًا مكثفة بهدف استكمال القاعدة العسكرية، وقد عمل الحرس الثوري الإيراني على تدريب الكثير من أبناء الشعب اليمني الذين تم استقطابهم تحت مزاعم محاربة إسرائيل والولايات المتحدة.
ويتدرب أفراد الحرس الثوري في الجزيرة، على تجميع وإطلاق الصواريخ البالستية، واقتحام مواني دول مجاورة، بمزاعم تعاون تلك البلدان مع إسرائيل.
وعلى الجانب الآخر، فقد باتت إثيوبيا دولة غير ساحلية منذ عام 1993 عندما حصلت إريتريا، على استقلالها بعد حرب استمرت ثلاثة عقود، مما اضطر أديس أبابا إلى الاعتماد على مواني جيرانها. وفي عام 2023، وضع رئيس الوزراء، أبي أحمد، استعادة الوصول إلى المحيط، عبر البحر الأحمر، كهدف استراتيجي رئيسي، وحذر من أن عدم تحقيقه قد يشعل صراعًا.
لكن الصومال وإريتريا وجيبوتي ردت بقوة، وقالت الدول الثلاث إنها ستعارض أي محاولة للتعدي على أراضيها، فاضطر أبي أحمد للتراجع عن تصريحاته.
منفذ للبحر الأحمر عبر أرض الصومال
ومؤخرا، توصلت إثيوبيا لاتفاق لتأمين منفذ مباشر إلى البحر الأحمر عبر أرض الصومال، وهي منطقة انفصالية عن الصومال، والتي ستحصل في المقابل على حصة في الخطوط الجوية الإثيوبية، أكبر شركة طيران في القارة.
وأثار هذا التحالف توترات في واحدة من أكثر مناطق العالم اضطرابًا بالفعل. وتنص مذكرة التفاهم على أن تتمكن إثيوبيا من الوصول إلى مضيق باب المندب في خليج عدن، عبر ممر ستستأجره من أرض الصومال لمدة 50 عامًا.
ويُعد مضيق باب المندب ممرًا ملاحيًا عالميًا يقود إلى البحر الأحمر وقناة السويس، وتنشر العديد من الدول قوات بحرية هناك لحماية مصالحها التجارية. ويمر نحو 12% من التجارة الاقتصادية العالمية عبر المضيق. وفي حال إنشاء قاعدة عسكرية إثيوبية، سيؤدي ذلك إلى اختلال توازن القوى الحالي.
وبينما قال رئيس أرض الصومال موسى بيحي عبدي إن إثيوبيا ستعترف رسميًا ببلاده دولةً ذات سيادة، قالت أديس أبابا إن هذه القضية لا تزال قيد التقييم. وقد اتحدت أرض الصومال، وهي محمية بريطانية سابقة، مع الصومال الإيطالي عام 1960 بعد الاستقلال، لكنها انفصلت بعد ذلك عام 1991 بعد اندلاع حرب أهلية.
وتُجري المنطقة انتخابات، كما تصدر جوازات سفرها الخاصة، وتطبع عملتها الخاصة، ووقعت صفقات استثمار دولية، لكنها فشلت في الحصول على اعتراف دولي يسمح لها بتلقي التمويل والمساعدات من مؤسسات مثل صندوق النقد الدولي، ولم يعترف باستقلالها سوى تايوان.
ويعتبر الصومال أرض الصومال، التي يبلغ عدد سكانها نحو 5.7 مليون نسمة وأكبر من ولاية فلوريدا الأمريكية مساحةً، جزءًا من أراضيه.
تعدي على سيادة الصومال
ووصف رئيس الوزراء الصومالي، حمزة عبدي بري، الاتفاق مع إثيوبيا بأنه تعدٍ على سيادة الصومال وسلامة أراضيه وتهديد مباشر لموارده البحرية، وحذر من أن حكومته ستدافع عن حقوقها.
وليس أمام الصومال سوى فرص محدودة لفرض حقوقه في أرض الصومال؛ فقد استُنزفت قدراته العسكرية بسبب التصدي لحركة الشباب المرتبطة بتنظيم القاعدة على مدى 17 عامًا، كما أن إثيوبيا تملك جيشًا أقوى بكثير.
لكن علي محمود راجي، المتحدث باسم حركة الشباب، التي تسيطر على أجزاء من الصومال وتقاتل للإطاحة بالحكومة، قال إنه يجب ألا يكون هناك مجال للإثيوبيين للاستيلاء ولو على شبر واحد من الأرض أو المحيط في أرض الصومال وإنها ستعاني من عواقب مريرة إذا حاولت ذلك.
وبدوره، قام الرئيس الجيبوتي بتوبيخ السفير الإثيوبي، وأن إريتريا لن تسمح بإنشاء إثيوبيا قاعدة بحرية. كما أعلنت مصر رفضها مذكرة التفاهم بين إثيوبيا وإقليم صوماليلاند.
مصر تحذر
وأكد بيان لوزارة الخارجية المصرية ضرورة الاحترام الكامل لوحدة وسيادة جمهورية الصومال الفيدرالية الشقيقة على كامل أراضيها، ومعارضتها لأية إجراءات من شأنها الافتئات على السيادة الصومالية، مشددةً على حق الصومال وشعبه دون غيره في الانتفاع بموارده.
وحذّر البيان من خطورة تزايد التحركات والإجراءات والتصريحات الرسمية الصادرة عن دول في المنطقة وخارجها، التي تقوض من عوامل الاستقرار فى منطقة القرن الإفريقي، وتزيد من حدة التوترات بين دولها
نقلا من فيتو