ظبية التي أحبت رئيس البلاد وجعلت من صورته تميمة العمر
لا أحد يشبه العمة والجدة أو المناضلة ظبية إلى ظبية نفسها، وفلاح في أقاصي الريف أحب صالح دون أن يراه أو يلتقيه، دون أن يصافحه في أي مناسبة ولا نال منه مكرمة أو عطاء كما فعل مع أصحاب العيش والملح ومن باعوا بأقل الأثمان، أو الذين عفا عنهم وهو في قمة مجده وقوته فغدروا به وقتلوه وهو هاجع في بيته آمنا مع أهله وأولاده.
رحلت التي جعلت من جسدها معرضا تحمل صوره وتجوب الشوارع كما لو أنها تحمل وطنا أضعناه في إحدى الفصول المجدبة، لم تخشى الحوثي ولا الاصلاحي ولا الثوري ولا اليساري ولا اليميني ولا المؤتمري المتذبذب ولا البعثي العتيق ولا حتى أعتى العواصف.
جاء الربيع العربي ثم ذاب بعد أن فعل ما لم يفعله بركان آيسلاندا، وجاء الشباب المؤمن وتحولوا إلى انصار الله ثم إلى الحوثيين ثم عادوا إلى جذورهم مليشيا تقتل وتنهب وتعتقل باسم المسيرة القرآنية والهوية الإيمانية، أتى مؤتمر الحوار الوطني واتفاق السلم والشراكة وعبد ربه منصور هادي والصماد والمشاط وبن عمر وولد الشيخ ومارتن غريفث وهانس جوندبرج واتفاقية السويد وحدثت أحداث لم تخطر على بال حتى كورونا الذي أخضع العالم وجبروت الأقطاب بين قدميه وظبية لا تزال على العهد.
في قلب العاصمة المختطفة صنعاء ومن ميدان التحرير اتخذت مكانا لها، كانت قريبة من “مارد الثورة” تحاول أن تحيي في النفوس وهج الثورة والتحرر من الكهنوت، ظلت ثابتة مثل جبال عيبان وعطان ونقم شامخة لم تغادر ولم تهرب ولم تلجأ ولا حتى فكرت تبيع أثمن أشيائها صور رئيس البلاد.
الحياة لا تكبر إلا بهؤلاء مهما نقلت لنا الأخبار والاذاعات صور الوزراء والرؤساء ومدراء المديريات والمجلس المحلية ووزراء الدفاع والداخلية والأمن الوقائي والأمن السياسي والزينبيات والمقنعين والمدججين بالأسلحة.
هؤلاء وحدهم الأبطال من الداخل الناصعين من الخارج، قلوبهم غناء بالبياض وعقولهم لا تنتهك أسوار أحد ليس لديهم أجهزة قمعية ولا جنود ينتهكون الحرمات ولا مشاريع خارجية ولا أجندات مبتذلة ولا هتافات رخيصة ومزيفة ولا أحاديث تخدش السياسة وتجرح الهُوية وتعطل لغة السلام.
لروحك السلام ظبية وأنت التي لم تكن غير أيقونة في وريد الوطن.. واحجية لأرواحنا التي فقدت أغلى الرجال وأجل الرؤساء الشهيد علي عبد الله صالح.
وداعًا يا شجرة ميلادنا التي عاشت حرة وماتت فقيدة عزيزة بين يدي الوطن!!