لمحةٌ من تجربتي في ” الغد المشرق “
أربعُ سنواتٍ كاملةٍ عملتُ فيها مُقدّما لبرنامج ” أين صنعاء ” الذي كان يُذاع عبر شاشةِ قناة ” الغد المشرق” وأتشرّفُ به .
طوال تلك السنوات الأربع التي قدّمتُ ختامها حلقتي الأخيرة يوم 30 أكتوبر 2023 – كان الطاقم الدائم الذي أعمل معه مصري 100%
علّموني الكثير وأستفدت منهم المفيد ، معنى الصبر والمهنية ، معنى عدم الانفعال ، معنى أن تكون زميلا وأهمية الرسالة والمحتوى اللذين تقدمهما.
معنى كيف تكون متجددا وقادرا على العطاء بنفسية معطاءة.
معنى النجاح الذي أحسبُني – وبشهادتهم – قد نجحت وحققته.
أربعُ سنوات كُنتُ أسخّرُ وأبذلُ وقتي ومعظم أيام الأسبوع لحلقتي التي تُذاعُ على شاشة القناة مساء كل أحد الساعة 9.30
أتّفقنا كثيرا وحينما يكون هناك أي شيىء يحتاج لتعديل يتحدّثون معي بكل هدوء لدرجة إنك تستمع لِعالِمٍ إنساني تتشرّب منه الطيبة والمحبة و سحائب القبول ، أشهد إني قدّمت البرنامج بكل أريحية وبما يمليه عليّا ضميري.( شكرا رئيس تحرير البرامج )
أتذكّرُ أنه في إحدى المرات أشتريتُ بدلة في منتصف العام 2021 وكان سعرها غالي ،لكن ألوانها لم تكن مناسبة لديكور الإستديو ( لبستها مرة واحدة في إحدى الحلقات طبعا)
كلمني زميل قبل الحلقة التي تليها وقال: ” شاهدت الحلقة ” :
قلت له : نعم
قال: ” حلقة ممتازة بجد.
وأضاف :
مهم تناسق الألوان:
” بسيطة لو تحب تطلع بها”
عندها فهمت رسالة المهني الذي يعتبر صورتك صورته وحضورك حضوره وإسمك إسمه.
حاليا أُغلِقت ” الغد” وتبقى الدروس ، تبقى المهنية ، تبقى مفاهيهم العمل الإعلامي الذي تشربته وكيف أتحدث مع مخرج البرنامج ورئيس التحرير.
تجربتي غزيرة مع هذه الشركة والقناة ، مع ابن مصر الإعلامي والفلاح والبائع والسائق والشاعر ، المثقف والجار.
تعلمت من مصر الهدوء والصبر والمهنية وكيف تكون أكثر إبداعا وإنسانية وسياسة دون تكلّف.
تنشطُ ذاكرتي الآن..
قال لي أحد الزملاء بعد التيست الوحيد ( إختبار قبولي لتقديم البرنامج أواخر العام 2019) :
” أنت متميز وجاهز لتقديم البرنامج ولو كان مباشرا .. أنت أقدر وأفضل ، عزّز قُدراتك بمشاهدة البرامج القوية لكي تتطور ، أنت جاهز ”
قلتُ له من ؟:
قال أنت إعلامي متمكن.
المهم مضت الأيام والحلقات والشهور والسنوات سريعا ،
وقبلُ ثلاث حلقات من توقِّف البرنامج وإغلاق القناة وتحديدا في أكتوبر 2023 كلمني المسؤل في الشركة: قال لي:
” أنا عايز أتكلم معك بعد التصوير”
قُلت له: تمام..أخلّص وجيك”
خلصت ورحت له.
قال : ” القناة حتأفل: وأضاف:
” يبقى لك ثلاث حلقات فقط
ينتهي شُغلك يوم 31 أكتوبر 2023 ”
قلت له بجد !
قال : آه والله.
قلت له خير ولا مشكلة.
بعدها قدّمتُ أنا عبد الكريم المدي الحلقات الثلاث التي كانت آخر حلقاتي في البرنامج والقناة ، وأشتغلت عليها بشكل طبيعي جدا وكأني لم أسمع ما قِيل لي ، رغم إني أدركت حقيقة كلامه وتألمت من داخلي ، ولم أظهر ألمي على فراق زملاء وأصحاب وأصدقاء وجمهور/ بلدي الذي كنتُ أطلُّ عليهم كل يوم أحد من الأسبوع وأعكسُ قضاياهم ومعاناة أبناء شعب أنتمي له وأعيشُ التجويع والإفقار اللذين يكتوّن بهما من الحوثي.
على أية حال أستكملُ مختتما:
آخر حلقة صورناها
وأنتهينا من تسجيلها وقبل أن أرفع ” المايك ” من صدري فاجأني الأستاذ المخرج الكبير ” إبراهيم ” بالسلام وإحتضاني.
قال:
والله سعدت بالعمل معك وأنت من الإعلاميين المتطوريين اللي تشرفت بالعمل معهم.
بالتوفيق ونمرتي معك في أي وقت إذا تحتاجني رِن عليا ”
هزمتني تلك اللحظات خاصة وأن له مكانة خاصة في قلبي كونه مخرج متميز وربما نادر.
أختصر..اليوم قناة ” الغد المشرق ” غابت عن الشاشة ولغيابها معنىً مختلف لدى جمهورها ولدى شخص قدّم من خلالها برنامجا طوال أربع سنوات لم يعترضه أو يوبّخه أحد ، بل العكس كان محط إشادة الزملاء في الشركة وإدارة القناة.
غابت نافذة ” الغد المشرق ” ولم تغب معها ذكرياتي وتجربتي في ” أين صنعاء”
تحية وفاء ومحبة وعرفان لكل من تابع البرنامج وآمن برسالته وكان حافزا لي.
دمتم بخير وعام جديد وسعيد عليكم أحبابي في يمن العروبة ،يمن السعيدة ..