لا توجد حكومة فاسدة ولا أحد يحاسبها إلا في اليمن
جوهر العبثية بوجود حكومة فاسدة ولا يوجد من يحاسبها ، في مشهد لم نشهده إلا في اليمن ، تستمر الحكومة التي جاء بها الخارج لتتحكم بشعب قوامه ٣٥ مليون نسمة ، حكومة لا علاقة لها بالإنجاز ولا بما تحتاجه البلاد من خدمات الكهرباء والمياه والصحة والتعليم والبنية التحتية ، فقط لها علاقة ببيع ثروات البلاد وسيادته .
والأدهى من ذلك ، أنها وفي أوج التقارب بين السعودية والحوثيين لتوقيع ما يسمى بوثيقة السلام تحركت هذه الحكومة لتقويض السلام في مأرب بهدف تفكيك النسيج الداخلي وتوقيف دورة الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية وزعزعة الأمن والاستقرار وتعريض المستقبل للخطر ، ولتقوية موقف الحوثيين في المفاوضات .
لا يهمها سلامة المحافظة التي احتفظت لنفسها بصفحات من النضال الوطني ولا حرمانها من حقها في التنمية ولا تعزيز دورها في خدمة الاقتصاد الوطني ولا تعطيلها للجيش ومنعه من الحسم وتركه يتحمل عبء الدم من نيران الفرقاء جميعا ، ولذلك لا أدري كيف يراهن البعض على إنقاذ اليمن وعلى رأس السلطة مجموعة كل همها مصالحها وحسابات الربح والخسارة واستدرار التأييد الخارجي للحكم ولو كان البلد خرابة .
وكم هو محزن أن تبقى هذه الأشكال الهلامية من السلطة التي تم تصنيعها خارجيا لتقودنا إلى سلام يبدو مستحيلا مثلما كان النصر على يدها مستحيلا نتيجة للفراغ الذي وجد في قمة الشرعية والذي هدد البلاد في سلامة كيانها السياسي وفي آلية حكمها ، فمن المستحيل أن يتحقق السلام في ظل وجود فراغ في مؤسسة الرئاسة ، فلا يوجد من يشكل مرجعية وطنية شاملة ومؤهلة على جميع المختلفين لإنجاز الحد الأدنى من واجبات أي حاكم تجاه بلده .
ثم إن استمرار مثل هذه السلطة التي دمرت ما تبقى من أسباب الانتاج وترحيل ما تبقى من الكفاءات الوطنية ، فسوف توصلنا إلى ساعة الصفر وأوضاع البلاد جميعا تحت الصفر ، وأقولها بأسف ، إن كل المعطيات الراهنة تشير إلى أننا نتوجه بخطى سريعة نحو مصير أشد قتامة ، فقد اندثرت الأحزاب السياسية وأخلت الساحة للمليشيات التي تتوزع بين الملكيين والمناصرين للاحتلال بدعم من الخارج .
أصبح سفراء الدول يتدخلون بقرارنا ويتصرفون وكأنهم من أهل البيت ونحن لسنا حتى ضيوف وأصبح القرار قرارهم ويمارسون مواقف تمس السيادة ، بل والكرامة الوطنية ، ومن المؤسف أن جدارة اليمنيين سقطت بأن تكون لهم دولة مستقلة يحكمونها وينتصرون لإرادة شعبهم .
ومع كل ذلك ، لن نفقد الأمل ولن نحمل أوجاعنا ونرحل ولن نهرب من واجبنا تجاه وطننا وأرضنا ، لن نتخلى عن وطننا لنعمل خداما لدى الأغراب في وطننا ، لقد جعلوا وطننا بلا سقف ولا جدران وجردونا من الانتماء إليه وتعاملوا معنا وكأننا مجرد طارئ ، فهل ننتظر سلاما ممن ترك الحوثي يدير مفاوضاته مع السعودية وذهب إلى ملاحقة عادل الشجاع وأسرته ويعتبر انتصاره في بقاء عمار الشجاع في السجن ، ذلك هو العليمي ومعين .!