انتهازية الجماعات الدينية
مما لا شك فيه، أنه ليس هناك من يجيد ممارسة أساليب الانتهازية أسوأ من الجماعات الدينية المتطرفة، كما هو الحال بالنسبة لجماعة الحوثية.
فمنذ أعلنت عصابة الحوثي انقلابها المشؤوم على الدولة، لم تتوانى في ممارساتها الانتهازية بكل مناسبة، سواء وطنيه أو دينية أو اجتماعيه أو اقتصادية أو حدث سياسي، إلا وجعلت منه فرصه لتثبيت أركان سلطتها الانقلابية، مسخرةً في سبيل ذلك ماكينتها الإعلامية وسطوتها العسكرية، ولعل من أكثر أساليها الانتهازية، المتاجرة بالقضية الفلسطينية، حيث جعلت منها الجماعة قميص عثمان بل لقد جعلت من قضية فلسطين واحده من أهم مصادر النهب والسلب والثراء على حساب معاناة ووجع الشعب اليمني الذي وجد نفسه بموقف لا يحسد عليه، فيما يتعلق بموقفه من القضية الفلسطينية كقضية مقدسة لدي كل يمني.
ولمواصلة الجماعة لنهجها القائم على الانتهازية، أقدمت على خلق حاله من الفوضى في البحر الأحمر وتهديدها لطرق الملاحة الدولية تارة عبر قيامها بعملية القرصنة واحتجازها لسفن التجارية، وتارةً أخرى عبر مناوراتها العسكرية وإرسالها للمسيّرات والصواريخ التي أسقط البعض منها في عرض البحر، والبعض الآخر مازالت تلف كوكب الكرة الأرضية وهي بطريقها للكيان الإسرائيلي منذ إعلانها ووقوفها لنصرة غزه بحربها مع الكيان المحتل.
كل هذه الفوضى سعت وتسعى من خلالها الجماعة الحوثية الانتهازية لكسب مزيد من الحواضن الشعبية داخليًا لزيادة فرض سلطتها كسلطة أمر واقع، واكتساب الشرعية على الأقل في الوقت الحالي، لا سيما في المناطق الواقعة تحت سيطرتها (شمال اليمن) وتمهيدًا لفرض كامل سلطتها على اليمن بشكل عام. ومن جهة أخرى سعيها الانتهازي لاستغلال حالة السخط لدي الشعوب العربية تجاه الدور السلبي لأنظمتها وموقفها فيما يتعلق بالحرب على غزة. إذ استطاع الحوثيون من وراء خلق حالة من الفوضى والمشاغبة بمضيق باب المندب المطل على البحرين الأحمر والعربي كسب تعاطف بعض الشعوب العربية والحرة المطالبة بوقف العدوان على غزه، والتي رأى المتضامنون معها بأن موقف الحوثيون يمثل ردًا عمليًا على نصرتهم لغزة.
أن كل هذه الانتهازية تسعي من خلالها الجماعة لإظهار نفسها كلاعب مؤثر على المستويين المحلي والإقليمي، بل والدولي، وكل ذلك من أجل ضمان أكبر قدر ممكن من المكاسب الاقتصادية والسياسية في حال كان هناك أي تسوية سياسية فعليه قادمة لإنهاء الحرب وتحقيق السلام الشامل في اليمن.