منبر حر لكل اليمنيين

نودع عاماً مليئاً بالخيبات

18

نودع عاماً مليئاً بالخيبات والنكسات، لنستقبل عاماً جديداً سيكون أسوأ من سابقه.
نعتقد دائماً أن العام الجديد سيكون أجمل من العام المستخدم. نتعامل مع السنوات كأنها موديل فقط.

نودع عاماً من أعمارنا، فالحياة ليست سوى أنفاس، وكلما تنفسنا أكثر اقتربنا من الموت أكثر.

سينضم هذا العام إلى الأعوام السابقة. سبع سنوات عشناها كأنها سبعون عاماً.. قد يعيش إنسان في بلاد أخرى سبعين عاماً ولا يعاني ما عانيناه وعشناه خلال سنة واحدة.

تغيرت ملامحنا في هذه السنوات، وتغيرت نفسياتنا. كل يوم نقف أمام المرأة لنعد الشعر الأبيض الذي يغزو رؤوسنا ووجوهنا بكثافة، ثم نتحجج أن هذا الشعر الأبيض بسبب العطر، فنتذكر أننا لم نتعطر منذ سبع سنوات.

رحل الكثير من معارفنا وأقاربنا وجيراننا، منهم من اختطف، ومنهم من ذهب إلى الجبهة ولم يعد، ومنهم من استشهد بغارة طيران، ومنهم من مات قهراً على انقطاع مرتبه أو على بيته المقصوف.

أحد زملائي أدخل بطاقة الصراف الآلي ليسحب مرتبه، وفوجئ يأن مرتبه موقوف، فمات واقفاً قبل أن يسترجع بطاقته من حلق الصراف الآلي. مات كي لا يعود إلى أطفاله بيدين فارغتين. مات لأن المؤجر ينتظره على باب بيته. مات لأنه وعد ابنته أن يأخذها ذلك اليوم إلى المستشفى. مات لأنه سيخلف كل وعوده.

سبع سنوات كانت كافية ليحفظ الأطفال فيها صلاة الجنازة، وسورة ياسين.

لم نعد نجرؤ على التفكير بالسفر، لأن مطارات العالم لم تعد تعرفنا،. ولم نعد نستطيع السفر إلى قرانا التي جئنا منها إلى صنعاء التي تتواجد بها الخدمات الأساسية والجامعات والوظائف. فأصبحت صنعاء قرية كبيرة مليئة بالظلام ودخان الحطب والبطالة.

سنتفاءل بالعام الجديد الذي سيفاجئنا بانتكاسات وصدمات كبيرة في السبعة الأيام الأولى منه، لتكون هذه الصدمات حصانة لما سيأتي طوال العام.

سبع سنوات كأنها قطعة من الجحيم، وكلما انتهى عام نجد أنفسنا لا نزال عالقين كسمكة معلقة من فمها في خطاف سنارة مهجورة، لا هي خرجت فتموت، ولا هي تخلصت من الخطاف فتنطلق في الماء.

حين تلتقي صديقاً مر على انقطاعكما عامين لا تكاد تعرفه، ويكون أول سؤال: (مالك شيبت)؟ فيكون الجواب: (وقتنا، ما عد باقي)؟
ما عد باقي!! تقول هكذا رغم أنك في أواخر الثلاثينيات، وكأنك عشت بما يكفي لتمل من الحياة وتجلس على عتبة بيتك تنتظر الموت!!
ما عد باقي!! أشعر بها كمطرقة كبيرة تكسر كل يوم واحداً من مفاصلي..
لم يتبق سوى القليل من المفاصل لينتهي هذا السيناريو المرعب.

تعليقات