منبر حر لكل اليمنيين

إسقاط مأرب والاتفاق بين الأطراف السياسية من يسبق الآخر

51

في يناير القادم سيتم توقيع الاتفاقية بين السعودة والشرعية من جهة ومليشيا الحوثي من جهة أخرى برعاية أممية ووساطة عمانية على خارطة طريق تم الاعداد لها منذ فترة طويلة، على أمل أن يكون ذلك مقدمة للبدء بتحقيق الأولويات من صرف الرواتب وفتح الطرق المغلقة واتاحة المجال لحركة الطيران من مطار صنعاء الذي لا يزال محدود وغيره من الأولويات واطلاق سراح الكثير من المعتقلين والأسرى.

كل ذلك  يسير بالتزامن مع هجمات مستمرة وحشد معدات وجنود من قبل مليشيا الحوثي إلى جبهات الضالع وتعز والحديدة ومأرب، تماما كما كان يحدث أيام “الحوار الوطني”، حيث كان يسير في فندق “موفنبيك” بصنعاء فيما لا تزال مليشيا الحوثي تسيطر وتبسيط نفوذها على محافظة (صعدة) وصولًا إلى عمران ومن ثم اجتياح العاصمة صنعاء والانقلاب على شرعية الدولة والاستيلاء على المؤسسات وصولا إلى العاصمة عدن.

سيناريو يتكرر منذ سنوات، خاصة وأن المسار السياسي مر بكثير من الارهاصات والاتفاقيات على سبيل المثال لا الحصر منها اتفاقية “استكهولم” 2018 برعاية المبعوث الأممي “مارتن غريفث” تلاها مشاورات حول الرواتب والأسرى وميناء الحديدة ومن ثم الهدنة الأول والثانية والتي لم يطبق منها شيء على اعتبار أن كل طرف يحمل الآخر المسؤولية.

اسقاط مأرب

في ذروة العمل السياسي والمشاورات ورسم المحددات اليوم طرأت أحداث غير متوقعة في محافظة مارب التي تعاني من حصار حوثي وهجمات شرسة بالصواريخ البالستية والطيران المسير والقذائف من قبل المليشيا وتصدير خلايا تجسس وغيرها من المحاولات المستمرة لإسقاط المحافظة، حيث نشبت خلافات ومواجهات مسلحة بين الجيش وقوات الأمن من جهة والقبائل بعد اصدار قرار من قبل الحكومة برفع أسعار المشتقات النفطية الأمر الذي تم رفضه تماما من قبل القبائل، ولا تزال الأمر متوترة حتى اللحظة.

بالأمس قتل ثلاثة جنود في ظروف غامضة، حيث تم اغتيالهم من قبل مسلحين مجهولين نفت بعد ذلك القبائل في بيان لها أنها تقف وراء الحادث، وسبق أن قتل مواطن في المواجهات التي جارت خلال اليومين الماضيين، وهناك العديد من الأسئلة والاستفسارات التي تتداعى وهي لماذا هذه التوقيت في الاعلان عن جرعة سعرية في المشتقات النفطية في ظل ظروف معيشية معروفة؟ ولماذا لم يتم الانتظار حتى توقيع الاتفاقية بين طرفي الشرعية والحوثيين لمعرفة المستجدات وما سيكون عليه الحالي برغم التشاؤم من كثير من السياسيين حول ما إذا كان الحوثي جاد فيما سيقدم عليه.

مدخلات ومؤشرات لا تزال تقول أن الحوثيين غير مقتنعين وبعض الأطراف الدولية الداعمة والفاعلية والتي تتعامل مع مليشيا الحوثي بصورة ناعمة منذ فترة طويلة حتى وهي تقتل اليمنيين بزراعة الألغام والقتل خارج القانون والضربات الصاروخية والقصف بالطيران المسير.

دور الشرعية

لا يزال دور الشرعية ممثل بالرئيس الدكتور رشاد العليمي وثمانية نواب وأعضاء في المجلس الرئاسي غير حاضر كما ينبغي فيما يخص الاتفاقيات والمشاورات الجارية ولا حتى فيما يحدث اليوم في مأرب، حيث يبدو أن هناك فجوة كبيرة داخل الحكومة، اضافة إلى الدعوات التي أطلقت من بعض السياسيين إلى محافظ مارب وعضو المجلس الرئاسي سلطان العرادة باحتواء الموقف وايقاف المواجهات المسلحة والجرعة الجديدة معًا حتى يتسنى للجميع بلورة رؤية تجنب ما تبق من مأرب مواجهات لا تخدم سوى مليشيا الحوثي.

دور القوى السياسية لا يقل أهمية عن دور الشرعية والحقيقة أن كل واحد منهم يجب أني يكون رديف للآخر ومكمل في حال اعتبر مشروع استعادة الدولة من يد الحوثين واعادة الأمن والاستقرار واجب على الجميع إلى جانب أن هذه القوى لديها قيادات مشاركة في السلطة من كافة الأحزاب وان بصورة شكلية أو بسيطة في جانب منها.

وسبق لهذه القوى أن أصدرت بيانا استنكرت فيه عدم اشراكها في الاتفاقية أو بالأصح المشاورات وورش العمل منذ اللحظات الأولى أولا بأول كي يكون الجميع على اطلاع بالمجريات وهو أمر سلبي يعكس عدم رغبة الاطراف الفاعلة بما فيهم المملكة العربية السعودية اشراك الكثير من المعنيين إلى وقت حضور الأوراق والتوقيع عليها، أيضا المبعوث الأممي الذي يقود ورش عمل من خلال مكتبه بمشاركة واسعة للمرأة في العاصمة عمان والقاهرة وعدن ومدن أوروبية لا يزالان غير قادران على اشراك الجميع الأمر الذي يبعث كثير من التساؤلات حول ما إذا كانت الاتفاقية ستنجح حتى ولو جزئيا أم أن هناك ترتيبات قادمة لا تزال في المدى المنظور ولم تتبلور بعد من قبل الأطراف الفاعلة الممسكة بالملف اليمني بما فيها أمريكا وبريطاني والمملكة العربية السعودية والامارات العربية المتحدة.

 

القضية الجنوبية والمشاورات

لا يزال الملف اليمني منقسم على نفسه إذ ينظر الجنوبيون ممثلين بعيدروس الزبيدي على أن قضيتهم مختلفة كلية عما يدور من صراع بين الحوثي وأطراف الشمال مع بعض الاستثناءات التي تطرق إليها الزبيدي في خطابه الأخير وبعض التلميحات حول مشاورات الحوثي مع الانتقالي أو طلب الدعم والثقة للمجلس الانتقالي على أنه سيقوم بتأمين البحر الأحمر ومضيق باب المندب والملاحة الدولية عموما وفي البحر العربي في الوقت الذي تفتقد عدن لأبسط المقومات يقول مواطنون، سواء خدمات الكهرباء والمياه أو الأمن وغيره.

وهنا يحضر فشل المجلس الرئاسي بحسب مراقبين سياسيين في خلق توليفة طارئة في مناطق الشرعية وتوحيد موارد البنك المركزي ودمج القوات المسلحة والأمن وربط مأرب بحضرموت وعدن وتعز، اضافة إلى ايقاف عمليات الفساد التي تفوح من داخل مجلس الوزراء وبعض الوزارات رغم شحة الامكانيات والدعم وحضور المعاناة في حياة المواطنين.

الخلاصة المواطن اليمني يترقب منذ سنوات مستجدات جديدة رغم أنه فقد الثقة بكل الأطراف الداخلية والاقليمية والدولية، على أمل أن تكون الانفراجة الأولى مطلع يناير القادم وأن يكون العام 2024 بداية تسوية جديدة وتطلعات مختلفة رغم كل الفشل الذي يحيط بالعملية والسياسية والفوضى التي اجتاحت البلاد شمالا وجنوبا.

تعليقات