رسالة إلى محافظ مأرب.. سلطان العرادة
ما من يمني جمهوري وحدوي إلا ويقدر لك إدارتك لمأرب بحكمة واقتدار في أحلك الظروف ومعالجتك الأزمات بالعمل الصامت دون ضجيج ومنعت الانهيار في وقت كانت البلاد كلها منهارة وجمعت الناس في وقت كانوا مفرقين وطرحت حلولا في وقت كان الآخرون يضعون العراقيل .
وتأسيسا على ما سبق ، فهناك من يريد لك أن تمضي فيما مضى فيه الرئيس هادي حينما أقدم على اتخاذ قرار الجرعة التي كانت البوابة التي دخل منها الحوثي إلى صنعاء والتي سهلت لمخطط الحرب الذي نعيشه اليوم أن يكتمل ، وعلى ما يبدو أن مأرب يراد لها شيئا مشابها لذلك ، وإلا ماذا يعني اتخاذ قرار الجرعة في الوقت الذي تسوق الأمم المتحدة اتفاق سلام ، هذا يعني أن هناك من يخطط لانقلاب آخر يمكن الحوثي من الانقلاب على هذا الاتفاق ، مثلما انقلب على اتفاق السلم والشراكة الذي أنجزته الأمم المتحدة أيضا .
ولست بحاجة إلى تذكيرك ، بأنه إذا كان للإخلاص درجات ، فإن الخيانة ليس لها درجات ، وإذا كان هناك من قادوا اليمن إلى حرب بالوكالة نيابة عن دول إقليمية وانساقوا في خيانتهم بشكل لا لبس فيه ، فإن المندسين داخل الشرعية يتلونون بلونها ويلبسون وجهها ويتواجدون بصورة الحاكم الوطني والاعلامي والعسكري والبرلماني والوزير وشيخ القبيلة وكل همهم أن ينتصروا على وطنهم لصالح دول أخرى ، وستجد هؤلاء يشجعون على الجرعة لكي يكونوا عونا للانقلابيين وضد السلم الأهلي .
وأصدقك القول ، إن الاستمرار في الجرعة ، يعني الاجهاز على المواطن ومواصلة مسلسل الإفقار والتجويع والإذلال ويشكل خطرا على الاستقرار والأمن ، ومأرب تستحق منا أن نقدم لها كل الدعم والمساندة ، فقد تحملت على عاتقها كلفة الحرب وكانت الرافعة الحقيقية للجمهورية والوحدة وأفشلت المشروع الإمامي والانفصالي على حد سواء .
نحن نعول عليك بأن تساعد مأرب على التماسك ، فمأرب على مسافة قليلة من الانفجار الاجتماعي والسياسي ويراد لها أن تعبر نفقا مظلما ، ولا يخفى عليك المعاناة التي بلغت حدود المأساة ، وهناك من يدفع بالوضع نحو الكارثة الكبرى التي تتجاوز تداعياتها أي قدرة على الاحتواء ، فالصورة أصبحت واضحة ومأرب على شفير الكارثة .
لقد بات من الضروري أن نخاطبك بوضوح ، لأن المخاطر تكبر وتهدد وحدة المجتمع ، وما نسمعه ونراه يظهر هذه المخاطر بشكل واضح ، فلا تجعل هذه الجرعة تكرارا لما فعله هادي وتكرارا للحرب والهزيمة والخسائر ، فلا نريد أن تشكل مأرب ضربة قاضية لما تبقى من الكيان اليمني الذي يصارع من أجل البقاء منذ ما يزيد على تسع سنوات من الحرب .
لقد دفعت مأرب فاتورة الحرب وحدها ، وكانت الحاضنة الجمهورية ، فاستقبلت ملايين اليمنيين الذين شردتهم الحرب واقتلعتهم من بيوتهم ، ولا أبالغ إذا قلت لك ، إن رفع أسعار البترول في هذا التوقيت تحديدا لا يختلف عن أداء قذائف المدفعية والصواريخ ، فلا تجعل بترول مأرب مخصصا لذل أهلها في الزمن المنقوع بالذل والقهر ، وكثير من قلوب اليمنيين تحدق صوبك لما بقي من أمل فيك في أن تستخدم حكمتك التي عهدناها عنك في إنقاذ مأرب ، لكي تبقى راية الجمهورية والوحدة خفاقة في هذه الأرض الطيبة التي شاركت الإنسانية ذات يوم صناعة حضارتها .