كَبُرَت عليكَ حياةُ غيرِكَ،
كَبُرَت عليكَ حياةُ غيرِكَ،
لم تقُل للوقتِ: حَمِّلنِيْ الثَّقِيلَ، وَدَع فَوَاتَكَ،
لم تقُل لمصائرِ الأوطانِ:
ينتصرُ القويُّ على الضَّعِيفِ أوِ الضَّعِيفُ على القويِّ،
تَرَكتَها تتبادل الأدوارَ،
حتَّى طارَ قلبُكَ مِن ضُلُوعِكَ،
حامِلاً وجعَ الخليقةِ،
طارَ حتَّى آخرِ الأرضِ الدِّمَاءِ،
وعادَ وهو يقولُ:
جَفِّفنِيْ مِنَ الميعادِ كالمِندِيلِ،
واكسِر رغبةَ الأيامِ فِيِّ مِنَ الأخيرِ،
فَرُبَّمَا لا يفعلُ التاريخُ شيئًا للضحايا الماثِلَةْ.
هولٌ يفوقُ الهولَ في الأولى وفي الأخرى:
رُؤوسٌ غيرُ واضحةِ الملامحِ،
أرجُلٌ، أيدٍ بغيرِ أصابعٍ،
أشلاءُ أشلاءٍ مُبعثرةٍ هُنا وهُناكَ،
بعدَ القصفِ لا تجِدُ الضَّحِيَّةَ كامِلَةْ.
هل يفعلُ التاريخُ شيئًا،
والمدينةُ رهنُ وحشَتِهَا وقِمِّةِ ذُعرِهَا؟!.
هولٌ يفُوقُ الهولَ،
أبشعُ صورةٍ للموتِ في العصرِ الحديثِ،
دمٌ يغارُ على دمٍ مِن كُلِّ أسلحةِ الدَّمارِ.
الحَربُ تفعلُ فِعلَها بالخَلقِ،
تفعلُ ما برأسِ المَاثِلينَ لأمرِها.
ويصيحُ طِفلٌ، وهو ينظرُ في الضَّحايا:
“هَايْ أُمِّيْ.. عَرَفتُهَا مِن شَعرِهَا”.
ويقُولُ طفلٌ، وهو يمشي في جنازةِ أُمِّهِ،
ودموعُهُ تجري: “أمانةْ تِرجَعِي يَمَّا”.
وتصيحُ أُمٌّ -في المُقابلِ-:
– أين أطفالي!! وتبكي:
فَتِّشُوا عنهم لعَلَّ الله يُبقي لِيْ ولو طفلاً.
– لقد ماتُوا جميعًا، للأسَفْ!!.
هذي بقايا جُثَّةِ امرأةٍ
يُقالُ بأنها قد كفَّنَت بالأمسِ والدَهَا،
وفجرَ اليومِ -وهي بغيرِ أطرافٍ لها-
لَحقَت بِهِ.
وتنوحُ والدةٌ
تنوحُ أمامَ منزِلِها أسًى:
لم يُكمِلِ الأولادُ مضغَ طعامِهِم، ماتُوا جِياعًا،
تَمَّ قصفُ البيتِ، والأولادُ حولَ المائدَةْ
يتناولُون غداءَهُم في الواحِدَةْ.
وأَبٌ نَحِيلٌ، في الطَّوارِئِ،
يحمِلُ ابنتَهُ الصَّغيرَةَ جُثَّةً،
ويقُولُ: “ما بِدِّيْ أحُطّ” البِنتَ في ثلاَّجةِ المَوتَى.
رجُلٌ مُسِنٌّ، في المدينةِ، لا يَرى،
بل يسمعُ القصفَ العنيفَ،
كأنَّهُ فِي الرُّوحِ نَاهِشْ
يا ربَّنا:
“مِينْ ظَلّْ عَايِشْ”؟!.
*من صفحته في فيس بوك.