منبر حر لكل اليمنيين

ما أخفى النومُ عن الصحوْ

32

العالمُ ليلْ؛ والعالمُ أغنيةٌ في حلقِ الليلْ؛ والحلقُ مضاءٌ بالكُحُّةِ عجوزاً يكُحُّ تجاربَ عمرٍ إلى أحفادٍ عُمي. ما أسوء أن تشيخ الرُّوحُ والعالمُ أكثرُ من ليلٍ وأقلُّ من شمعةٍ يُعاركُ شعلتَها جيشٌ من ريحٍ ورطوبةٍ تزحفُ من بحرٍ يتخلّصُ من عرقِهِ.

العالمُ فحمٌ مغشوشٌ. لا يُنضجُ فجراً يتململْ. لا يُدفئُ قلباً برداناً في خيمتِهِ يهذي. بلّلي روحَكِ بهوىً يتدلّى من قميصيَ المصلوبَ على جدار الهباءْ. ومن عدمي صيغي كائناتٍ لحلمِكِ الآتي. إني أراكِ عروساً من بهاء المدنِ تتحلّى. في عينيكِ سفرُ الأميراتِ إلى حكاياتهنّ الواثقة الخُطى. كفّاكِ جسورَ السرِّ تقرؤها أجوبةً مخطوطةً عَلى المدى. أفيقي من برازخ السهوِ حتّى تفيقَ غزلان حياةٍ في دمكِ.

لكِ الدربُ ومعناهُ وما أخفى النومُ عن الصحو من عشقٍ نأى. لا تئنّي أنينَ الظباءِ في بريّةِ الخلقِ. قِيْ ظلَّكِ من هواجسَ نعسانةْ. ولا تثقي بالسكونِ يضعُ ساقاً على ساقٍ ويبتسمُ. النارُ فكرةٌ ساكنةٌ في أغصانِ الشَّجر. رأيتُكِ كذلك أمَّ الغيماتِ التائهاتِ ترضعيهنّ رياحاً ناعمةً قد علّمتها عيناكِ عن أرجحةِ الأماني ومسيرةِ الثابتِ على ظلِّ قاتلِهِ.

العالمُ بهجةُ الرائي في منامِهِ وبلاءُ اللغةِ في مداركِها. ورأيتُ العالمَ صندلاً في قدميّ مجدليّةٍ تغسلُ شعرَها الطويلَ في نبعٍ يغنّي ماؤه. يُغنّي عن بلدٍ ترابُهُ قصائدَ من صبايا موجوعاتٍ وسماؤه أناشيدُ الكتبِ القديمةِ ترفرفُ حماما. لقدميكِ قلبي أفردُهُ فامشِ. واتركيني جثّةً للجائعاتِ من الطيرِ. إني تائقٌ للذهابْ.

غزة | 2009

تعليقات