التحالف الأمريكي الإيراني لإعادة تصنيع العرب مذهبيا
من المتعارف عليه في السياسة أن الأمور لا تفسر في سياق واحد والتاريخ السياسي عموما يعرف الخطط والأهداف المتعارضة، والعبرة في النهاية بمن يقدر على فرض رؤيته.!
فكيف يمكن فهم حقيقة الصراع بين أمريكا وإيران، وكيف يمكن فهم تلك الإشكالية المعقدة والصور الذهنية التي رسمناها لأنفسنا وصدقنا أن أمريكا شيطان أكبر وإيران دولة إرهابية، وكيف لنا أن نتجاوز تلك الصور الذهنية لكي نقترب من الواقع والحقيقة؟
سأطرح عدة تساؤلات على القارئ لعله يجد إجابة لها ويربط الأحداث ببعضها: لماذا تتحرك الأساطيل الأمريكية والإيرانية جنبا إلى جنب في البحر الأحمر ولا يحدث أي احتكاك بينها؟
لماذا وضعت أمريكا إيران ضمن تركيبة الشرق الأوسط الجديد إلى جانب إسرائيل وتركيا على حساب فلسطين ووحدة الدول العربية، ولماذا تسهل أمريكا توسع الهلال الشيعي إذا كانت بالفعل تريد القضاء على إيران وتقويضها؟
لماذا هاجمت إسرائيل المفاعل النووي العراقي وهو في طور الإنشاء، بينما المفاعل النووي الإيراني يتم التفاوض حوله لسنين طويلة، ألا يدل ذلك على أنه لا يمثل خطرا على إسرائيل ولا على المصالح الأمريكية؟
والسؤال الأبرز، لماذا جعل الإعلام إيران هي العدو الأول وليست إسرائيل؟
إذا استطعنا أن نجيب على هذه الأسئلة بحكمة ومنطق ورؤية سياسية وفق معطيات الأحداث نستطيع أن نعرف لماذا كثف الحوثيون هجماتهم ضد السفن التجارية في البحر الأحمر وليس ضد البوارج الحربية، ولماذا أعلنت إيران أنها تتحكم بالبحر الأحمر وهي تعرف أن البوارج الحربية الأمريكية والإسرائيلية تتواجد فيه بكثافة؟!
منذ أن قامت ما سميت بالثورة الإسلامية في إيران وهي تصدر العنف إلى الدول العربية، ولم نشهد أي خطر إيراني على إسرائيل خارج الخطب الاستهلاكية، على العكس من ذلك شهدنا تعاونا بين البلدين، فقد زودت أمريكا إيران بالصواريخ أثناء حربها على العراق عن طريق إسرائيل.
لاحظوا الفرق بين الأقلية اليهودية في إيران التي لا تتجاوز ال٦٠ ألف يهودي وتحضى باثني عشر معبدا في طهران، في حين تخلوا طهران من أي مسجد للسنة الذين يبلغ عددهم عشرات الملايين.
إذا ما قارنا بين العقوبات التي اتخذتها أمريكا بحق إيران، فإنها لا تقارن بالعقوبات التي اتخذتها بحق العراق والتي أنهكت العراقيين لعشر سنوات حتى أنهم فقدوا القدرة على الحصول على الدواء، بل لاحظوا كيف تعاملت أمريكا مع النظام المصري والليبي والتونسي واليمني في ما سمي بالربيع العربي وكيف تعاملت مع النظام السوري المتحالف مع إيران؟
لو أن هناك شك في أن إيران ستستخدم السلاح النووي ضد إسرائيل، هل كانت أمريكا وإسرائيل ستتركانها حتى تستكمل مشروعها، ما يجري بين البلدين لا يتجاوز نفخ البالونات الهوائية لتغطية المعركة الحقيقية الجارية على أرض الواقع.
خلاصة القول، إيران تبني نفسها في حين السعودية لا تزال تهدر ثرواتها الفلكية في وعثاء اللهو وتوافه الرفاه، ففي الوقت الذي أشار بريجينسكي المستشار الأمني للرئيس جيمي كارتر على السعودية أن تجند الإسلاميين عام٧٩ لجعل أفغانستان فيتنام الروس، كانت أمريكا تصنع ثورة في إيران لإعادة تصنيع العرب مذهبيا، وها هي السعودية تفكك الدول السنية في حين إيران تخلق جماعات شيعية من العدم، ولنا في اليمن خير مثال، فمتى نستطيع فهم حقيقة العلاقة بين إيران وأمريكا وإسرائيل؟