الاقربون أولى بالرصاص!
على الرغم من كوننا بلداً فقيراً، لكن لو عملنا الآن إحصائية سريعة بعدد حروبنا الأهلية التي خضناها سنكتشف أننا دولة استعمارية عظمى ظلت طريقها إلى المجد وطحست في بركة «الأقربون أولى بالرصاص».
لدينا في اليمن حروب أهلية أكثر مما لدينا من جوائز عالمية! ومعانا سجون ومعتقلات أكثر مما لدينا من مصانع! ومعانا أسلحة أكثر من لعب الأطفال.
ومعانا أحزاب سياسية أكثر من الملاعب الرياضية. ومعانا ومشايخ اكثر من الفنانين، ومعانا اقسام شرطة اكثر من الحدائق. ولدينا فوق كل ذلك مخزون سيئ من الذكريات الوطنية.
ومعروف أن كل جماعة تصل إلى السلطة في اليمن؛ تتفرعن ويصير في اعتقادهم انهم أسياد هذا الكون، في حين انهم، اصلاً، مخلوقات ناقصة ولا تتمتع ببعد النظر والحكمة الكافيين ليروا عواقب ما فعلوه بنا كشعب.
وما الذي جنيناه خلال الـ60 السنة الفائتة من عمر الجمهوريتين “شمالا وجنوبا” لا شيء طبعا غير أننا منذ احداث اغسطس الدموية 1967 صرنا أصحاب «مطلع» وأصحاب «منزل» ومن بعد أحداث 13 يناير 1986 صرنا “طُغمة” وزمرة.
ومن بعد حرب صيف 199 صرنا “دحابشة” و”انفصاليين” وخلال حروب صعدة الست عدنا «مُعردسين» على رؤوسنا الى خانة الصراع المذهبي من جديد.
ومن بعد احداث 2011 قايضنا الفوضى وسقوط الدولة بكامل مؤسساتها لصالح هوشلية عيال الساحات!
وفي انقلاب 2014 فتحنا البيبان على مصراعيها لكل المليشيات المسلحة لتتبرطع فوق رؤوسنا بأريحية؛ وضاعت بلادنا فطيس في حرب 2015 التي لا تزال اثارها الكارثية ماثلة فينا حتى هذه اللحظة الصعبة من اعمارنا.
وامتلأت السجون والمعتقلات المختلفة في كل شبر من البلاد بأنين اليمنيين انفسهم! وصار لدينا في المحصلة العامة رصيد حافل من الموتى وبرصيد ضخم أيضا من المختفين القسريين في أقبية الجماعات المليشياوية؛ وبمجانين كثر فقدوا عقولهم في معتقلات تعذيب يمنية صرفة!
وتقطعت بنا سبل الوصول إلى مدننا والى بيوتنا وقرانا بطمأنينية وبسلام؛ وفقدنا السكينة العامة وفقدنا الهدوء والأمان وازدحمت المقابر بالموتى وتشتتنا في كل زوة من البلاد هاربين من بعضنا؛ وامتلأت القلوب بالكراهية وبالأحقاد؛ وخسرنا الوعي الوحدوي شمالاً وجنوباً يا للأسف!
وإنه لمن المعيب علينا كأمة يمنية واحدة أن نعيش بقية حياتنا على هذا النحو من العدمية والاستنفار..
البنادق في أيادينا مصوبة إلى رؤوس بعضنا، والاصابع ترتجف على الزناد.
* من صفحة الكاتب على الفيسبوك