تأمين البحر من تهديد الحوثيين.. بين التحديات والحسابات الدولية
الجميع يتوقع الحرب على سواحل اليمن بعد التهور الحوثي الذي تغلفه المليشيا بالدفاع عن غزة ،وهناك سيناريوهات كثيرة لبدأ الحرب الدولية وقصف قدرات الحوثيين لتعطيلها وإنهاء أي هجمات مستقبلية ,خصوصاً مع اختيار الحوثيين للمواجهة على دونها من التفاهمات التي فشلت مصر في إبرامها .
قاعدة الردع بالردع :
يدرس العالم حالياً طرق بديلة عن باب المندب بعد الارتفاع الجنوني في أسعار التأمين البحري ،وإيقاف ثلاث شركات نقل عملاقة هي
MAERSK- CMA- MSC
وإيقاف عملها في البحر الاحمر ما يدفع بالعالم لمواجهة المليشيا المحلية وإرسال إشارات الى إيران بأن الأمر قد فاق قدرة التحمل ،فهل تترك إيران الحوثيين كما تخلت عن حزب الله في 2006 وحماس اليوم ؟
ميناء الحديدة .. قصف الرادارات وإيقاف الملاحة :
ميناء الحديدة الٱن صار في مهب الريح ،وخارج ٱي تعاطف دولي وقد هددت البحرية الأمريكية صراحة بقصف رادارات الرصد في موانئ المدينة الثالثة الصليف والحديدة ورأس عيسى ،وتعطيل وصول هذه الموانئ للملاحة بشكل عام .
وعبر قرار حماية خطوط التجارة سيتم التراجع عما تنازلت عنه الشرعية في الأيام السابقة من قرار فتح ميناء الحديدة مع عدم مراعاة أي اعتبارات سابقة لميناء الحديدة الذي يُعد رافداً لأكثر من 70 % من اليمنيين بالغذاء والدواء ،فمصلحة اليمنيين حالياً تتعارض مع مصالح العالم ،ولا ميزان لعاقل قد يقبل بهذا الكفة غير العادلة .
ماهي أوراق الحوثيين للدفاع ؟
لا يملك الحوثيين سوى تكثيف هجماتهم البحرية والإعلان عن إغلاق باب المندب فيما البارجات المصرية والأمريكية والبريطانية ستدخل في مواجهات مباشرة مع المليشيا المحلية اليمنية ، فالجميع خاسر برفع التصعيد في البحر الأحمر ، وما تزال تهديدات إيران بدخول مليشياتها العراقية في مواجهة ضد الإمارات وشرق السعودية النفطية قائماً إذا لم تكرر فعلتها 2006 في لبنان و2023 في غزة .
الٱثار الاقتصادية من الهجوم المحتمل :
هذا الاجراء العسكري سيقابل من الحوثيين بدعاوى الصمود ، إلا أن سوق السلع في مناطق سيطرة الحوثيين والشرعية لن يصمد لأربعة أشهر بحسب خبراء السوق المحلية اليمنية ،ناهيك عن منع الحوثيين وصول أي سفن من بحر العرب والتهديد بقصفها لمحاولة الخروج من المأزق .
أذاً .. أي عقوبات اقتصادية جائرة قد تتسبب لقرابة العام في تعطيل كافة موانئ اليمن وهو الأمر الذي قد يتسبب على السعودية أيضاً بمعاودة الحوثيين استهداف موانئها الجوية والبحرية ،إلا أن معادلة إخماد مصادر النيران هذه المرة ستكون بلوجستية دولية للتخلص من عقبات الهجوم البري المعتمد .
وعلى اوراق الحلول ..يظهر بأن ورقة ميناء الحديدة ستعود مجدداً الى ملف الشرعية ،ومفاوضة الحوثيين على الخروج من الميناء وتطبيق اتفاق استكهولم خيار لدخول أي سفن دواء أو غذاء مع فرض الرقابة والتفتيش
ماذا بعد حرب البوارج ؟
الهجوم البري سيكون من محورين شمال الحديدة وجنوبها .. فشمالاً من ميدي عبر المنطقة العسكرية الخامسة بالقوات التابعة لوزارة الدفاع ،مسنودة بغطاء ناري بحري عبر البوارج الدولية التي ستأخذ إذناً من مجلس الأمن لتنفيذ مهامها ،هذا الهجوم هو الأخطر على الحوثيين لأن ميدي وامتداد السواحل الى الحديدة من اتجاه الشمال لا تملك المليشيا فيه تغطية بشرية وعسكرية كافية فيما يسمى بالخط الساحلي ،كما أن الحوثيين سيقعون في مخانق عدة أثناء تعزيزهم لنقاط ضعفهم نتيجة عدم وجود طرق ممهدة إلا من حجة والمحويت وطريق صنعاء فقط ،وهذا ما يجعل من قواتهم في مرمى النيران ،وما سيصل من الحوثيين لا يكفي لمواجهة عمليات الاجتياح والتمشيط ،خصوصاً بالإسناد الجوي والبحري .
معركة الساحل ومعركة الجبل :
المحور البري الٱخر ..جنوباً من باب المندب ،الحوثيون محاصرون بقوات عقائدية كبيرة تابعة لما تسمى بالعمالقة ،وهناك قوات شبه نظامية تابعة لنائب رئيس المجلس الرئاسي طارق صالح ،ووجود هذه القوتين يشكل خطراً كبير للتحرك من محور المخا صوب الطريق الساحلي الذي سلكته القوات منذ مطلع 2017 بتحرير المخا ووصولها الحديدة في نوڤمبر من العام 2018 ،لكن المعركة المقبلة لن تكرر أخطاء سابقتها بمجرد تأمين الشريط الساحلي ،فهناك معركة قد تم الاستعداد لها تسمى الخط الجبلي الذي تبدأ نقطة الصفر فيها من جبل راس وهي الحد الشرقي لمحافظة إب التي وجد الحوثيون مؤخراً بأنها حاضنة غير جيدة ، وقد أكثرت المليشيا من عدد ضحاياها بين المدنيين سجناً وترهيب ما يجعل من شوافع هذه الرقعة غير قابلين بالتواجد الحوثي وفي انتظار بارق الأمل .
ما تسمى بمعركة الجبل في اتجاه مدينة إب ستسقط أهم خط موازي للساحل وهو الممتد من حيس الى الجراحي وزبيد بيت الفقية ،في حين ستهدد البوارج البحرية أي رد على الحوثيين من جبال ريمة التي تم إعدادها سابقاً لمواجهة التحركات البرية فقط .
خسائر الحوثي ..
سياسياً الحوثي خسر مؤخراً فرصة حكمه لشمال اليمن ،خصوصاً بعد التفاهمات المباشرة مع الرياض التي تستضعف ما يسمى بالمجلس الرئاسي ،وهذه المرة خرج الأمر من عباءة الخليج الذي سيطر على سياق وقرار المعركة لسنوات سابقة الى مربع الضرورة الدولية لتأمين البحر الأحمر ،وهي حتمية لا تقبل الجدال او التأخير .
انظار العالم حالياً تتجه لجسر بري من مضيق هرمز بعد إيقاف شركات التأمين البحري عملها في باب المندب والبحر الأحمر .. وهو الأمر الذي يشي ببدأ البحث عن بدائل قبل الدخول في مواجهة عسكرية وشيكة ،فتهديد العالم أمر لن يتم غُفرانه للحوثيين حتى لو اعتذروا أو خرجوا باتفاق مؤقت تحاول جمهورية مصر عقده حالياً !