توقف مساعدات برنامج الغذاء بسبب عراقيل الحوثيين ومحدودية التمويل
بسبب العراقيل التي وضعتها مليشيا الحوثي أمام عمل المنظمات الدولية ووكالات الإغاثة قرر برنامج الغذاء العالمي (WFP) وقف توزيع المساعدات الغذائية في المناطق الخاضعة لسيطرة المليشيات.
وقال البرنامج، في بيان صحفي، إنه قرر “إيقاف برنامج المساعدات الغذائية العامة في المناطق الخاضعة للحوثيين، بسبب محدودية التمويل وعدم التوصل إلى اتفاق مع الحوثيين من أجل إعطاء الأولوية للفئات السكانية الأكثر ضعفاً التي تواجه خطر الجوع، بما هو متاح من تمويل”.
وأضاف البيان، إن البرنامج اضطر لاتخاذ هذا القرار “الصعب” بالتشاور مع الجهات المانحة، وبعد نحو عام من المفاوضات مع مليشيا الحوثي “لم يتم خلالها التوصل إلى اتفاق لخفض عدد الأشخاص المستفيدين من المساعدات الغذائية المباشرة من 9.5 مليون إلى 6.5 مليون شخص”.
وبسبب محدودية التمويل تفاوض البرنامج مع الحوثيين على تقليص أنشطته وتخصيص البرامج لتنحصر في المستفيدين الأكثر احتياجاً، وهي كانت تتضمن تقليص عدد المستفيدين بنحو ثلاثة ملايين مستفيد.
غير أن مليشيا الحوثي عبرت عن رفضها للتقليص واشترطت تسليمها قيمة المساعدات نقداً، لتقوم هي بتوزيعها، وهي الحيلة التي كانت تهدف من ورائها المليشيات إلى الاستئثار الكامل بقيمة المساعدات وإعادة توظيفها وتوزيعها بمعايير سياسية تخدم عملية الكسب السياسي، والحشد والتعبئة.
واستبعد البرنامج، في بيانه، إمكانية عودة المساعدات في القريب العاجل، وقال: “مع بدء نفاد مخزون الغذاء في المناطق الخاضعة للجماعة، حتى وإن تم التوصل إلى اتفاق فوري مع السلطات، فإن استئناف المساعدات الغذائية قد يستغرق نحو أربعة أشهر بسبب انقطاع سلسلة الإمداد للمساعدات الغذائية الإنسانية”.
ويأتي تعليق المساعدات في الوقت الذي تواصل المليشيات الحوثية عملية نهب المعونات الإغاثية وتوظيفها لأهداف شخصية، والعمل من أجل زيادة نسبة الفقر والجوع في أوساط اليمنيين عبر سياسات تجويعية ممنهجة منها مدخرات المدنيين وفرض إتاوات مالية عليهم.
وأوضح البرنامج التابع للأمم المتحدة، في تقرير صادر عنه، أنه اضطر إلى إجراء تخفيض برنامج الوقاية من سوء التغذية وتقليص الأنشطة المتعلقة بالقدرة على الصمود وسبل العيش بسبب أزمة التمويل الخانقة التي يمر بها البرنامج.
وأشار إلى أن التخفيض في المساعدات سيؤثر على حوالى 3 ملايين شخص في شمال البلاد و1.4 مليون مستفيد في الجنوب.
وبحسب برنامج الغذاء، فإن خطته القائمة على الاحتياجات الإنسانية المتزايدة لم يتم تمويلها سوى بنسبة 20% فقط من إجمالي التمويل المطلوب خلال الفترة من سبتمبر 2023 إلى فبراير 2024.
وكان برنامج الغذاء العالمي أوضح، في بيانات سابقة، أن انعدام الأمن الغذائي في اليمن لا يزال عند مستويات عالية، وأن نسبة الأسر غير القادرة على تلبية احتياجاتها الغذائية تصل إلى نحو 50%، ناهيك عن ارتفاع نسبة الأسر التي تعاني من عدم كفاية استهلاك الغذاء إلى أكثر من 55%.
وستتأثر البرامج الرئيسية التي ينفذها البرنامج على مستوى البلاد، وهي برنامج المساعدات الغذائية العامة، وبرنامج التغذية، وبرنامج التغذية المدرسية، وأنشطة تعزيز القدرة على الصمود، والتي في مجملها تقدر بنحو 17.7 مليون تدخل على مدى النصف الأول من عام 2023م.
ويتلقى حالياً نحو 13.1 مليون شخص في جميع أنحاء اليمن حصصاً غذائية عبر برنامج المساعدات الغذائية العامة وتُعادل هذه الحصة حوالي 40 بالمائة من مكونات السلة الغذائية القياسية، وكان من المفترض أن يتقلص عدد المستفيدين إلى ثمانية ملايين مستفيد بسبب عدم الحصول على تمويل جديد، غير أن عدم الاتفاق مع الحوثيين على خطة جديدة للتوزيع على المستفيدين الأكثر احتياجا دفع البرنامج إلى تعليق كافة برامجه.
وخلال الفترات السابقة من العام 2023م اُضْطُرَّ برنامج الأغذية العالمي لتقليص أنشطة الوقاية من سوء التغذية في اليمن، والتي كانت تستهدف سابقاً نحو 1.4 مليون شخص، ونظراً لمحدودية التمويل والموارد، لم يَعد بمقدورِ البرنامج سوى مساعدة (128,000) شخص فقط (منهم 96 ألفا في المناطق شمال البلاد و32 ألفا في المناطق جنوب البلاد) وذلك من إجمالي (2.4) مليون شخص كان مخططاً لاستهدافهم من الأطفال والفتيات والنساء الحوامل والمرضعات.
كما اضطر برنامج الأغذية إلى تقلص أنشطته في برنامج معالجة سوء التغذية الحاد المتوسط بنحو 60 بالمائة، حيث يحصل حالياً (526,000) شخص في المناطق شمال البلاد و(145,300) شخص في المناطق جنوب البلاد على المساعدات في إطار هذا البرنامج من أصل العدد الإجمالي المخطط له البالغ 1.9 مليون شخص خلال العام.
ويتزامن هذا النقص في التمويل مع تزايد عدد الحالات المصابة بسوء التغذية الحاد.
كما قلص حجم المساعدات عبر برنامج التغذية المدرسية إلى 1.8 مليون طالب وطالبة فقط من أصل العدد الإجمالي المخطط له البالغ 3.2 مليون طالب وطالبة خلال العام الدراسي الحالي.
كما اُضْطُرَّ البرنامج لخفض وتقليص نطاق وحجم أنشطة برنامج تعزيز القدرة على الصمود وسُبل المعيشة إلى حدٍ كبير بسبب محدودية التمويل، إلى (319,000) شخص فقط عبر هذا البرنامج من إجمالي مليوني شخص مخطط لاستهدافهم خلال 2023م، فضلاً عن التأخر الكبير في توزيع الحوالات النقدية في المناطق الواقعة جنوب البلاد ونقل بعض مستفيدي الحوالات النقدية إلى برنامج المساعدات الغذائية العينية.