منبر حر لكل اليمنيين

عامٌ مَضَى.. في رثاء المقالح

45

عامٌ مَضَى.. مُنذُ ارتَقَيتَ إلى السَّما
وتَرَكتَ أَبناءَ القَصِيدةِ يُتَّما

عامٌ مَضَى.. وجِنانُ فِكرِكَ لم يَزَلـ
ـــنَ لِطُولِ بُعدِكَ يَشتَكِينَ مِن الظَّما

عامٌ.. وأَسْمَعَ كُلَّ حَيٍّ شَجْوَهُ
باكِي الفِراقِ، وعادَ صَمتًا أَبكَما

مِن بَعدِكَ الكَلِماتُ ليس لها فَمٌ
وسِواكَ يَعجَزُ أَنْ يَكُونَ لها الفَما

نُحنَا عليكَ بِكُلِّ حَرفٍ دامِعٍ
عامًا، ولكنْ.. كان نَوحًا أَعجَما

وتَكَلّمَت عنّا السُّطورُ ، ولم نزل
بين السُّطورِ .. نُريدُ أنْ نَتَكَلَّما

وغَدَت تَقولُ لنا الفَصَاحَةُ: إنَّ مَن
كَتَبَ القَصِيدةَ لِلخُلُودِ قد انتَمَى

(عبدُالعَزيزِ) وتُسكَبُ العَبَراتُ في
هذا المَقامِ، مَهابَةً ، وتَرَحُّما

(عبدُالعَزيزِ) وتُشرِقُ الكَلِماتُ حِيـ
ـنَ أَخطَُها ، وتَكادُ أَن تَتَألَّما

يا ابنَ (المَقالحِ) أَنتَ سِفرٌ جامِعٌ
لِلعِلمِ عِشتَ ، مُرَبِّيًا ومُعَلِّما

ما زِلتَ حَرفًا لا يَمُوتُ ، وحادِيًا
لِدُرُوبِنا.. ولِما سَنَكتُبُ مُلْهِما

آتِي حُرُوفَكَ ، والشُّعورُ يَقُولُ ليْ:
سَلِّمْ عليهِ .. فلَو رَآكَ لَسَلَّما

ويَقُولُ لِيْ حُبِّي لِحَرفِكَ: سَيِّدِي
لا تَطرُقِ الأبوابَ إلَّا مُحرِما

مُذْ جِئتُ لِلدُّنيا وَجَدتُكَ رائِدَ الــ
ـأُدبَاءِ ، تُعطِي كُلَّ أُفْقٍ أَنجُما

وأَفَلْتَ جِسمًا ، والضياءُ مَخَلَّدٌ
فِينا .. كأنّكَ غِبتَ كي تَتَجَسَّما

يا سَيِّدَ الأُدبَاءِ في العَصرِ الذي
بَخِلَت مَكارِمُهُ .. فكُنتَ الأكرَما

ومَضَيتَ لا سَخَطٌ عليكَ، ولا قِلًى
وكأنَّ فَيضَكَ نابَ عَنكَ وتَرجَما

عامٌ مَضَى.. وضِياءُ حَرفِكَ لَمْ يَزَلْ
مُتَوهِّجًا بِفَضائِنا إنْ أَظْلَمَا

عامٌ مَضَى.. وسَحابُ مُزنِكَ لمْ تَزَلْ
تَهْمِي عَطاءَكَ ، يا سَماءً في السَّما

أَبكِي عليكَ وتَزدَريني أَحرُفي
أَوَلَسْتَ تَدري ما المَقالِحُ قَدَّما؟!

هَو بينَنا ما زالَ حَرفًا نابِضًا
ما المَيْتُ إِلَّا مَن أَخافَ وأَجرَما

سَيَظلُّ حتى في الغِيابِ حُضُورُهُ
مُتَربِّعًا ، ويَظلُّ ذاكَ المَعْلَما

تعليقات