في شِعَابِ المَوْتِ أمْشِي
في الفَرَاغِ المُرِّ وَحْدِي
أتَلَظَّى بِجِرَاحِي
وهُمُوْمِي
غابَ جَمْعِي وضِيَائي
كُلُّ نَبْضٍ غابَ عَنِّي
لا أرَى شَيْئاً بِقُرْبي
ومُحِيْطي
غَيْرَ جَوْفِ اللَّيْلِ
يَزْدَادُ اتِّسَاعاً وظَلَاماً
يَحْتَوِيْني بِجُنُوْنٍ
والسُّكُوْنُ الشَّاقُ يَرْعَى
بِاجْتِهَادٍ
وُحْشَتِي
في الفَراغِ المُرِّ
في جَوْفِ الدُّجَى
اسْتَبَدَّ الضِّيْقُ بِي
رُحْتُ ألْوِي
في طَرِيْقِ المَوْتِ
أمْشِي هائِمَاً
أتَغَنَّى باسْمِهِ
أتَهَادَى في شِعَابٍ
عالِيَاتٍ لَمْ أكُنْ
أعْرِفُهَا في
وُجْهَتِي
الْتَقَيْتُ المَوْتُ حَيَّاني بِصِدْقِ
قُلتُ : أهْلاً
كُنْ صَدِيْقِي ونَصِيْرِي
قَالَ : مَرْحَى
فاقَ عَزْمَاً وثَبَاتاً
مَنْ أتَاني
لَنْ يَنَالَ الخَوْفُ والإذْلَالُ
مَنْ يَمْشِي مَعِي
ثُمَّ أضْفَى بِرُؤاهُ
يَتَهَجَّى في عُيُوني
قِصَّتِي
قُلْتُ : ماذا في جَبِيْني
أيُّها المَوْتُ أجِبْنِي
لَمْ أعُدْ أرْهَبُ شَيْئاً
فَتَجَلَّى بابْتِسَامٍ قائِلاً :
قَدْ صَدَقْتَ السَّعْيَ عِنْدِي
هَاكَ حِصْنِي فاعْتَصِمْ
سَوْفَ تَمْضِي مِثْلَ سَهْمٍ
حَيْثُ تَمْشِي
هاكَ دِرْعِي ومَنَارِي
هاكَ مِنِّي
حُجَّتِي
أيُّهَا المَوْتُ سَلَامَاً
لا أرِيْدُ الخُلْدَ لا أصْبُو
إلَيْهِ
لا ورَبِّي
لَيْسَ إلَّا النَّصْرَ أبْغِي
في حَيَاتي
قالَ : عِزُّ القَوْلِ هذا .
في يَقِيْنِي قَدْ بَلَغْتَ
الآنَ حَدَّاً في الأعالي
فَازَ مَنْ يَرْقَى إلَيْهِ
سَوْفَ تَحْيَا
وسَتَبْقَى في الوَرَى
أكْثَرَ وَحْيَاً وحُضُوْرَاً
وسَتَزْدَادُ نُفُوْذَاً
بَعْدَ عُمْرٍ
حَيْنَ تَأتي الرُّوْحَ
حَتْمَاً
قَبْضَتِي
في الفَرَاغِ المُرِّ وَحْدِي
أتَلَظَّى بِجِرَاحي
وهُمُوْمِي
غابَ عَنِّي الجَمْعُ لَكِنْ
لَمْ أزَلْ أمْشِي طَرِيْقِي
بِوُثُوْقٍ أكْتَسِيْهِ
مِلْءَ رَأسِي وسَمَائي
قَدْرَ ما تَسْمُو بِنَفْسِي
قامَتِي
لَنْ يَنَالَ اللّيْلُ مِنِّي
قَدْ حَفِظْتُ الدَّرْبَ
وَجْهَاً وأرِيْجَاً
لَمْ أعُدْ أخْشَى السُّرَى
لا تَغِيْبُ الدَّرْبُ عَنِّي
إنَّهَا تَبْدُو وتَأتي بالأمَاني
مِثْلَمَا تَهْفُو إلَيْهَا
خُطْوَتِي
في شِعَابِ المَوْتِ أمْشِي
لَمْ أعُدْ أرْهَبُ شَيْئَاً
صارَ لِيْ المَوْتُ صَدِيْقَاً
ونَصِيْرَاً
بِحِمَاهُ الآنَ أعْلُو
دُوْنَ حَدٍّ للأعَالي
تَتَعَالَى
هامَتِي
2023/11/23 م