دامت 27 ساعة.. زراعة أول حنجرة لامرأة للمرة الأولى في فرنسا
استطاعت مريضة مؤخرا استعادة النطق بعدما استفادت من أول عملية زرع حنجرة في فرنسا، في تدخل جراحي قام به بمدينة ليون (وسط شرق) فريق طبي يأمل أن يتمكن قريبا من تكرار هذا “الإنجاز” النادر على المستوى العالمي. فيما نشأت فكرة هذا التدخل الجراحي إثر أول عملية زرع حنجرة في العالم، أجريت عام 1998 في كليفلاند بالولايات المتحدة، لرجل فقد أحباله الصوتية بحادث دراجة نارية.
في عملية جراحية هي الأولى من نوعها في فرنسا تمكن فريق طبي في مدينة ليون الإثنين من زرع حنجرة لامرأة استطاعت على إثرها استرجاع النطق.
وكانت المريضة كارين (49 عاما)، التي عُرّف عنها فقط من خلال اسمها الأول، تتنفس من خلال ثقب القصبة الهوائية منذ عشرين عاما تقريبا، من دون أن تكون قادرة على التحدث، بسبب مضاعفات مرتبطة بالتنبيب بعد سكتة قلبية تعرضت لها في العام 1996.
وبعد أيام قليلة من عملية الزرع التي أجريت يومي 2 و 3 أيلول/سبتمبر الماضي، تمكنت كارين من قول بعض الكلمات. ومنذ ذلك الحين، تابعت جلسات إعادة تأهيل للأحبال الصوتية والبلع والتنفس مع معالجة للنطق، على أمل استعادة القدرة على الكلام بشكل دائم.
كما عُزّز أيضا علاجها المثبط للمناعة بعد بداية رفض للعضو المزروع، لكنها تمكنت من العودة إلى منزلها في جنوب فرنسا في 26 تشرين الأول/أكتوبر الماضي.
ولذلك، لم يتسنّ لها أن تشارك في المؤتمر الخاص بتقديم العملية الإثنين، لكنها أوضحت كتابيا أنها تطوعت قبل عشر سنوات للمشاركة في هذه التجربة العلمية “للعودة إلى الحياة الطبيعية”.
وكتبت “لم تسمعني بناتي أتكلم قط”، مؤكدة أنها مسلحة بـ”الشجاعة” و”الصبر” لمواجهة الألم والمضي قدما في مسار إعادة التعلّم.
هذا، وكان قد أبدى البروفسور فيليب سيروز، رئيس قسم الأنف والأذن والحنجرة وجراحة الرأس والرقبة في مستشفى كروا روس، إصرارا قبل تنسيق عملية الزرع غير المسبوقة هذه في فرنسا.
عملية “بالصدفة” وبدون معلومات
وجاءت فكرة هذا التدخل الجراحي إثر أول عملية زرع حنجرة في العالم، أجريت عام 1998 في كليفلاند بالولايات المتحدة، لرجل فقد أحباله الصوتية في حادث دراجة نارية.
وقد استفسر الجراح عن الأمر لكنه لم يذهب بعيدا في ذلك، وصولا إلى العام 2010 عندما التقى “عن طريق الصدفة قليلا” خلال أحد المؤتمرات زميلا كولومبيا أعاد إجراء هذه العملية من دون أن ينشر أي معلومات عنها.
فدعاه الطبيب لويس فرناندو تينتيناغو لوندونو إلى مدينة كالي الكولومبية لمدة أسبوع ليعلّمه كيفية سحب الحنجرة، “وهي من أكثر الجوانب تعقيدا” لأن هذا العضو “يضم أعصابا صغيرة جدا ومُزود بأوعية دموية بواسطة شرايين وأوردة متقاطعة صغيرة جدا”، وفق البروفسور سيروز.
إلى ذلك، وعلى مدى العقد التالي، تدرب مع فريق من الخبراء، وحصل على الموافقات، وبدأ بالبحث عن المرضى المؤهلين. وفي العام 2019 تعرف على “كارين”. لكن جائحة كوفيد أوقفت كل شيء.
وفي هذه الأثناء، عرفت السجلات الطبية في العالم عمليتين لزرع الحنجرة، واحدة في كاليفورنيا في العام 2010 وأخرى في بولندا في العام 2015. وهذا العدد ليس كبيرا لأن هذه العمليات لا تعطى أي أولوية: فاختلال الحنجرة يؤدي إلى إعاقة شديدة ولكنه لا يشكل خطرا على حياة المرضى.
عملية جراحية دامت 27 ساعة.
وفي العام 2022، عاد الفريق الطبي الفرنسي لإكمال ما بدأه في هذا المجال. وبقي أمامه العثور على واهبة مناسبة، ما يتطلب بالنسبة للحنجرة “خصائص تشريحية متوافقة تماما مع المتلقية، من حيث الجنس والوزن والطول وفصيلة الدم…”.
وقد حدث ذلك في الأول من أيلول/سبتمبر الماضي. وبعد موافقة الأسرة، بات ممكنا البدء بالتدخل الجراحي الذي استمر 27 ساعة، منها حوالى عشر ساعات لسحب الحنجرة و17 ساعة لزرعها.
وفي هذه العملية الأولى من نوعها في فرنسا، شارك اثنا عشر جراحا ونحو خمسين موظفا من مستشفى جامعة ليون بتنسيق من البروفسور سيروز وزميله ليونيل باديه، رئيس قسم جراحة المسالك البولية وجراحة زرع الأعضاء في مستشفى إدوار إيريو.