مِنْ أَلفِ عَامٍ وَحَالُ الشَّرقِ مُضطَرِبُ
لا تترُكنِي في الغابةِ أعتلِف الحرائقَ والبراكينَ والظلام،
وحيدًا يجلدُني الشوقُ والحنينُ إلى امرأةٍ مريضة
وولدٍ يختزلُ في ذاكرتِهِ الأطنانَ من العتاب..
مات الكثيرُ من البَشَرِ وأنا أكُحُّ أناشيدَ
وأتثاءبُ بطولاتٍ ومعارك فاسدة،
وسحابةٌ من الذُّبابِ فوق رأسي،
لقد تعفَّنَ التاريخُ في أعماقي،
وأنا أناشدُك: لُطفًا بالمواعيد،
وأستجدِيكَ -بنصفِ وجهٍ-:
أعِد إليَّ شيئًا مِنَ الحياة،
أو دُلَّنِيْ على أقربِ بابٍ
أو أقربِ طريقةٍ للموت.
كُلُّ مَن مات في زمننا
انتصرَ بِموتِهِ لكرامَتِه،
ونحن على قيدِ الحياة،
لأنَّ أرواحنا مُتشبِّثةٌ كثيرًا
بأقدأمِ العبوديَّةِ والإستبداد،
نُقَبِّلُ يَدَ القهرِ ورأسَ الخُذلان،
وإذ تُدَاسُ ضمائرُنا بأحذيةِ العَار،
لا نثُورُ ولا ننتقِمُ لأنفُسِنا من أنفُسِنا،
بل نُجاهرُ بِخزي خساراتِنا وفشلنا الذَّرِيع،
إننا تافهُون وجبناءُ، وأحقرُ مِن كُلِّ الحشرات،
نتحدَّى التاريخَ أن يُنجبَ كائناتٍ أضعفَ وأذلَّ مِنَّا،
ولهذا نحنُ لم نمُت قهرًا ولم ننتصر لكرامتنا ولو بالموت.
مِنْ أَلفِ عَامٍ وَحَالُ الشَّرقِ مُضطَرِبُ
يَا مَغرِبَ الشَّمسِ: هَذَا عَالَمٌ خَرِبُ
شِبهُ الجَزِيرَةِ، فِي أَبنَائِهَا نَظَرَتْ
إِذْ لا يُنَالُ لَهُمْ -مِنْ بَعضِهِمْ – أُرَبُ
وَهمٌ يُفَاخِرُ وَهمًا.. كُلَّمَا اقتَرَبُوا
مِنَ الحَقِيقَةِ، أَوْ مِنْ ظِلِّهَا، هَرَبُوا
هَذَا الظَّلامُ المُدَوِّي، مِنْ سُلالَتِهِمْ
تَرَاكَمَتْ فِي ضُلُوعِ الشَّاهِدِ الكُرَبُ
مُثَرثِرُونَ.. كُسَالَى فِي أَمَاكِنِهِمْ
وَمُستَفِزُّونَ جِدًّا.. إِنَّهُمْ ذِرَبُ
مَا تَفعَلُ العَرَبُ؟ اكتُبْ: غَيرَ فَاعِلَةٍ
خَيْرًا.. وَفِي رِئَتَيهَا: اللَّهوُ وَالطَّرَبُ
كَم أَشرَقَتْ شَمسُ عِلمٍ، وَهِيَ تَائِهَةٌ
فِي الجَهلِ وَالظُّلمِ وَالظَّلمَاءِ، تَغتَرِبُ!
جَمِيعُ تَارِيخِهَا: (قَالَتْ).. عَلَى وَرَقٍ
تِلكَ القَوَامِيسُ وَالأَفهَامُ، تَحتَرِبُ
مَا تَفعَلُ العَرَبُ؟ اكتُبْ: لا يُشَرِّفُنِي
فَهمُ السُّؤَالِ، وَفِي أَنفَاسِهِ جَرَبُ
قَالَتْ، وَمَا فَعَلَتْ شَيئًا، وَمَا صَنَعَتْ
شَيئًا.. وَلا شَيءَ إِلاَّ: “قَالَتِ العَرَبُ”