ألم يأن للقوميين والإسلاميين والأمميين اليمنيين أن يفكروا ببناء الدولة ؟
ما دفعني إلى كتابة هذا المقال هو الأحداث الجارية في غزة والعنجهية التي تمارسها إسرائيل التي أوجدت دولة من العدم في فلسطين بينما نحن فشلنا حتى في الحفاظ على أقطارنا موحدة وعجزنا عن تحقيق الوحدة وتركنا فلسطين تغتصب أمام أعيننا ما بين صامت متشف أو خطيب يسوق الكلام ويمتنع عن الفعل .
وما يعنيني هنا هو اليمن حيث تعيش التيارات الثلاثة صراعا مريرا فقد عجزت هذه التيارات عن الحفاظ على الوحدة التي تعد العامل المشترك بينها والأدهى من ذلك أنها تماهت مع المحتل وضيعت اليمن وجرفت المؤسسات وتخلت عن الديموقراطية وعن حقوق الإنسان .
كانت هذه التيارات تتهم الاستعمار في عرقلة مشاريعها ، فأصبحت اليوم جزءا من التوطئة للاستعمار والاحتلال في اليمن ، وبالرغم من اصطفاف التيارات الثلاثة مع الاحتلال ، إلا أن التيار
القومي واليساري يصطفان معا لمواجهة التيار الإسلامي ، وجميعهم يشكلون ما يسمى بالشرعية .
لقد أجمع هؤلاء وأنا أتكلم هنا عن القيادات وليس القواعد فقد شرذموا اليمن وقادوها إلى هزائم متتالية والعجيب أن هذه التيارات اتحدت على اسقاط نظام علي عبد الله صالح وقررت مواجهة الحوثي ، لكنها استعانت بالخارج ومكنت الخارج من احتلال البلاد وقتل الشعب وتشريده في الآفاق وسوغوا للأجنبي أن يحتل أرضهم مقابل تثبيت مصالحهم .
وقد شاهدنا كيف تحولت القومية والأممية إلى نوع من القبلية والمناطقية والعصبية أو قل إن شئت من العنصرية ضد الآخرين وزاد الولاء للخارج واجتهدوا في محاربة الفكرة الوطنية والتنكيل بالوطنيين ، لذلك لم نستطع بناء الدولة .
وعلى الرغم من ظهور التحالف على حقيقته بشكل سريع بعد أن قام بتهميش الأهداف الرئيسية المضمرة وركز بشكل أساسي على ولاء الاشخاص وأهمل التداعيات المترتبة عن مستقبل اليمن الاقتصادي والسياسي والسلم المجتمعي التي لم يستفد منها سوى الحوثي فقد ظل الحوثي الشماعة الأبرز وسوقوا أن التخلص منه سيكون بداية عصر الازدهار .
وعلى الرغم من مشاهدة هذه القيادات لتفتيت الجغرافيا والمجتمع وذهاب بعض القوى نحو مظلة السعودية وأخرى نحو الإمارات ، مما عزز مظلة إيران وهنا تحديدا أصبحت هذه التيارات الثلاثة التي تداخل معها المؤتمر متوزع الولاء سعوديا وإماراتيا يشكلون مشكلة جوهرية مع شكل الدولة وإدارتها وكيفية إدارة الموارد فيها وليس السلطة فقط وجعل اليمن منطقة نفوذ سعودي إماراتي إيراني .
والخطاب هنا لقواعد هذه التيارات لمراجعة المنطلقات الفكرية للقومية والأممية والإسلامية التي في مجملها تدعو إلى الوحدة وتنبذ التشظي ، كي نستعيد هويتنا في أكثر القضايا التي تمس وجودنا ومستقبلنا ومستقبل الدولة عندنا والدفاع عن اليمن بدلا من الدفاع عن الآخرين .