منبر حر لكل اليمنيين

الـ 14 من أكتوبر ومقارعة بقايا الاحتلال

12

لقد مَثل الرابع عشر من أكتوبر عام 1963م انطلاق شرارة ثورة الحرية والاستقلال في جنوب الجمهورية اليمنية ضد الاستعمار البريطاني الذي تلق ضربات عنيفة من قبل الأحرار أبطال ثورة أكتوبر المجيد، حيث كان اليمنيين في المحافظات الجنوبية على موعد مع اجتثاث المحتل الغاشم، الذي ظن لوهله بأنه قادر على ابتلاع جنوب الوطن وتطويعه للإرادة البريطانية التي ما لبثت حتى أجتثها الثوار بقرار أحرار الجنوب وجبال ردفان التي عانقت النصر صبيحة الرابع عشر من أكتوبر الخالد.

ففي العام 1962م، كان شمال اليمن يخوض معركة وجودية بين الثوار والإمامة الرجعية المتخلفة التي لم تستطع الصمود أمام فوهات وصرخات ثوار سبتمبر العظيم، لتأتي ثورة أكتوبر لتؤكد للجميع على أنها امتداد لثورة سبتمبر وبأن الأهداف واحدة والمصير واحد ومشترك لشعب عانى ويلات الحروب وحان له أن يقشع عن كاهله غُبار الظلامية والاستعمار والوصاية الخارجية التي دفنها الثوار إلى غير رجعة.

إن ثورة الرابع عشر من أكتوبر التي خلدت الاستقلال لجنوب الوطن وعملت على ترسيخ قيم الحياة السياسية والاجتماعية كانت الشجرة المثمرة التي مهدت الطريق لوحدة الأرض اليمنية بعد أن كان الجنوب مجزأ لسلطنات ومشيخيات وقبائل تحكم نفسها خارج إطار القانون المتعارف عليه، لتأتي ثورة أكتوبر وتقضي على كل هذا الجهل الذي ساد تلك المناطق وجعلها مفككه ومفتتة لعقود.

اليوم وبعد مرور ستون عام من قيام ثورة أكتوبر المجيد، تُحاول بعض القوى الإقليمية الصغيرة بحجمها وتاريخها القصير، إعادة الاستعمار من جديد عبر وكلاء لندن في المنطقة الذين يسعون اليوم جاهدين لفصل الجسد اليمني نصفين، فصل الجنوب عن الشمال، تلبية لرغبات فلول الاستعمار البريطاني الذي غادر جنوب الوطن مذلولاً بأقدام الثوار وفوهات بنادقهم التي سُمع صوتها شرق الدنيا وغربها، وانتصروا لثورتهم التي طوت سجل المحتل وإلى الأبد.

إن محاولة إعادة عقارب الساعة إلى الوراء أمر صعب تحقيقه، وأن من تستخدمهم بريطانيا اليوم من أدوات داخلية وإقليمية فشلوا في مهمتهم وباتت أهدافهم مكشوفة للجميع، حيث أجمع الشعب اليمني على وحدة ترابه الوطني، وبأن أي محاولة لاستهداف وحدة هذا الشعب العظيم سيقابله بوابل من اللكمات التي ستتحدث عنها الأرض اليمنية كما فعلت في العام 63م، فمن لديه أطماع في اليمن ويسعى لتحقيق غايته عليه بقراءة التاريخ اليمني وكيف لقن الثوار الغازي وكبدوه خسائر كبيرة في الأرواح والمعدات، حتى خرج آخر جندي وهو يجر خلفه ويلات الهزائم وليست أي هزائم.

إننا نحتفل اليوم بالذكرى الستون لقيام ثورة الرابع عشر من أكتوبر المجيد، ويمننا يعيش حالة من الصراع والاقتتال المُفتعل بدعم وإسناد من أنظمة إقليمية لم يرق لها حالة الأمن والاستقلال الذي كان يعيشه اليمن في ظل نظام سياسي استطاع بحنكة قائده الزعيم علي عبدالله صالح تجاوز الكثير من المعضلات والإشكاليات التي واجهة اليمن لفترات طويله، فما كان من تلك الأنظمة إلا أن تُحرك عصاباتها وأدواتها في الداخل للقضاء على مكتسبات الدولة بقوة السلاح، التي انتهجت سياسية التدمير للأرض وقتل الأنفس ونشر الفوضى والصراعات في عموم محافظات الجمهورية، وهو مخطط لتصفية حسابات قديمة أفشلها صالح أبان حرب صيف94, مما وَلدَ لدى قيادة بعض هذه الأنظمة أحقاد متراكمة تبلورت لانتقام مازلنا نعيش أحداثه لليوم.

وفي هذه المناسبة العظيمة أجد بأن حزب المؤتمر الشعبي العام وكل القوى الوطنية المخلصة يقفون اليوم على أعتاب محطات تاريخية هامة للدفاع عن مكتسبات ثورتي سبتمبر واكتوبر والوحدة اليمنية المُباركة، التي تُحاول قوى إقليمية عبر أدواتها في الداخل محوها ورسم ملامح جديدة لخارطة الجمهورية اليمنية وتجزئتها بحسب العقيدة والمذهب ومناطق الثروات، ويسعون بكل جهد لعرقلة أي عملية تصالح بين الفُرقاء اليمنيين، مؤكدين بذلك عزمهم على السير في نهجهم التدميري الذي قسم العراق، وسوريا، ولبنان، وليبيا، والسودان، وأضعف قرارهم السياسي وأوجد القطيعة فيما بينهم البين، ولذا نعول على حزب المؤتمر الشعبي العام وشركاؤه الشرفاء والمخلصين للتصدي لهذا المخطط الخبيث الذي يستهدف الأمة اليمنية أرضاً وإنسان، فهم الصوت اليمني الخالص الذي أجمع عليه اليمنيين ليمثلهم في كل المحافل الدولية وينتصر لإرادتهم ووحدة أراضيه.

تعليقات