منبر حر لكل اليمنيين

على جسر شهارة

29

قبل أيام، على جسر شهارة.. في صباح رافقتُ الشمسَ لحظةَ شروقها..
للجبال رهبتها، وللجسر دهشته التي لا تنتهي.
كنت أقرأ “كبرت كثيراً يا أبي”، وأنا أرى الطفل الذي كنتُه يقفز من بين السطور، وأشاهده يمشي على حافة الجسر مغمض العينين، ويتحدى نفسه وهو يصعد تلك الدرج الشاهقة قفزاً بقدم واحدة.. وثلاث نساء يقفن على طرف الجسر وهن يضعن أيديهن على أفواههن، وعلى عيونهن، خشية أن يرين هذا الطفل يسقط إلى الهاوية.

كانت القراءة استدعاءً لطفلٍ مر من هنا، ذات يوم، حاملاً “جزء عم”، مندهشاً بنقوشه الملونة، وهو يتساءل: متى سيتمكن من حمل “ربع يس”؟
كان هذا الطفل طموحاً، ويوقن بأنه سيحقق ما يريده، فحين رأى كتاباً بعنوان “أشعار عبدالرحيم البرعي”، استوقفه اسم الشاعر، ورأى أنه على نفس وزن “عبدالمجيد التركي”، فأمسك بالقلم وشطب اسم عبدالرحيم البرعي، ليكتب بدلاً عنه: عبدالمجيد التركي.. وكلما رأى كتاباً تقفز عيناه إلى اسم المؤلف، ويقول لأبيه: سيكون اسمي ذات يوم مكتوباً على غلاف كتاب.

لم أجرؤ أن أمشي على حافة الجسر، فقد اعتادت قدماي على شوارع صنعاء المسفلتة.. جلست قلقاً وفتحت الكتاب، متظاهراً بالقراءة، بانتظار ذلك الولد الذي كنتٌه.. سيمشي من هنا وفي يده “جزء عم”. سيراني ويتوقف ليقرأ اسمه على غلاف الكتاب، وسيمضي مبتسماً وهو يقول في نفسه: ألم أقل لك يا أبي إن اسمي سيكون، ذات يوم، على غلاف كتاب؟

تعليقات