منبر حر لكل اليمنيين

61 عاماً وسبتمبر يحتفي بشعلته المجيدة

32

تُعتبر ثورة السادس والعشرون من سبتمبر المجيد عام 1962م إحدى أهم الثورات اليمنية الخالدة التي أسست لدولة النظام والقانون وقضت على الطبقية والسلالية المقيتة التي فرقت بين المواطنين وجزأتهم بين سيد وعبد وبين حاكم ومحكوم، وحولت شريحة كبيرة من المواطنين إلى قطيع من البشر يُقدسون الإمامة ويُمرغون انوفهم عند عتبة داره، دون الاكتراث لعظمة الإنسان اليمني وكرامته التي ألغتها الإمامة وأبتذلها الكهنوت الرجعي المتخلف ظناً منه بأنه سيبني دولته على أنقاض شعب أنهكه الظلم وتجرع ويلات الذُل والخنوع

إن ثورة السادس والعشرون من سبتمبر المجيد كانت قرار شعبي خالص للتحرر من العهد الظلامي الكهنوتي المتخلف، حيث تُعتبر تلك الحقبة من أسوأ الحقب والمراحل التي مرت بها البلاد، التي كان يسودها الجهل والتخلف والظلم والاستبداد، فجاءت ثورة سبتمبر لتلغي هذا الإرث المُتراكم من التجهيل والظلامية التي حاولت الإمامة على تكريسه في ذهن الإنسان اليمني طيلة عقود من حكمها البائد، لتأتي هذه الثورة وتلقي بكل هذا العفن والجبروت في مزبلة التاريخ، متطلعة إلى مستقبل مُشرق وغد أفضل يتساوى فيه الناس بالحقوق والحريات والواجبات الخاصة والعامة، والعدالة الاجتماعية والمساواة التي تكفل للجميع ممارسة حقوقهم المشروعة

وإن من أهداف ثورة سبتمبر العظيم
_التحرر من الاستبداد والاستعمار ومخلفاتها وإقامة حكم جمهوري عادل وازالة الفوارق والامتيازات بين الطبقات.
ونحن كشباب حصيلة لهذه الثورة التي كفلت لنا الحقوق والحريات في التعبير عن آرائنا وممارسة حقنا الدستوري في المعارضة التي استغلتها بعض الأطراف وحولتها لمعول هدم وانتقام، ولعل ما حدث في العام ٢٠١١م من نكبة كان خير شاهد على عظمة ثورة سبتمبر التي أتاحت للجميع ممارسة حقوقهم المشروعة في التعبير، الذين أساءوا استخدامها في الطريق الخطأ ووظفوها لصالح أجنداتهم الخاصة لاستهداف النظام السياسي للبلد وللقضاء على الجمهورية اليمنية التي أصبحت اليوم تعيش أسوأ مراحلها من بعد قيام ثورة سبتمبر عام 62، ولم يخرجوا هؤلاء للساحات إلا لشعورهم بعدالة النظام السياسي آنذاك وبعدالة سبتمبر العظيم الذي كفل لهم الحرية والتعددية وهذا يُعد أحد مكاسب هذه الثورة العظيمة

والمتأمل لطبيعة التدخل الخارجي في اليمن، سيكتشف أن اليمن تحولت لساحة صراع بين قوى إقليمية ودولية، ذلك لأن الثورة اليمنية صدمت بعض الأنظمة العربية التي كانت تقف في صف الكهنوت، ما دفعها اليوم للوقوف في صف الإمامين الجُدد ومساندتهم في هذه الحرب التي يخوضها شعبنا من اقصى اليمن إلى اقصاه، فجندت المرتزقة في شمال الوطن وجنوبه ودعمتهم بالمال والسلاح والخُبراء والمدربين، ودفعت بهم إلى أرض المعركة، ومن ثم للواجهة السياسية لفرضهم على الشعب اليمني الذي يرفضهم وماضِ في قتالهم ومواجهتهم انتصارا لقيم ومبادئ وأهداف ثورتي سبتمبر واكتوبر

لم تكن ثورة 26 سبتمبر مجرد ثورة ضد شخص الإمام المتخلف أو نظام حكمه فحسب، وإنما كانت ثورة ضد مخلفات فترة زمنية حوالي إحدى عشر قرناً، من تاريخ اليمن، هي إجمالي سنوات الحكم الإمامي الكهنوتي العُنصري المُستبد، الذي كاد أن يطمس تاريخ اليمن الحضاري الضارب في القدم، لولا ثورة سبتمبر التي أعادت لليمنيين هويتهم وحريتهم وكرامتهم ومكانتهم بين الأمم

لقد نجحت ثورة سبتمبر العظيم في تغيير وجه اليمن على مستوى الداخل والخارج، فنشرت الوعي في أوساط المجتمع بخطر الإمامة وذكرتهم بتاريخهم وتُراثهم ومجدهم وحضارتهم، وجعلتهم يتسابقون للدفاع عن قيم الثورة بكل ما يملكون، وهم اليوم يحييون ذكرى هذه الثورة العظيمة بنفس النسق الذي كان عليه آبائنا، خاصة أن مستوى الوعي اليوم في أوساط المواطنين بات أكثر انتشاراً من ذي قبل، فما تقوم به ميليشيا الحوثي اليوم على الأرض أعاد للأذهان تلك البطولات التي سطرها الرجال في سبيل قيام ثورة سبتمبر وقُدسيتها التي تتربع على عرش قلوب ملايين اليمنيين

كما أن وعي اليمنيين اليوم بأهمية الاحتفال بثورة 26 سبتمبر دفع الإمامين الجُدد إلى الاحتفال بذكرى إسقاطهم للعاصمة صنعاء في محاولة لتعويض حالة النقص التي بداخلهم التي سببتها لهم ثورة سبتمبر وخوفهم من احتفال الملايين بها، لأنهم يدركون ماذا تعني ثورة سبتمبر للشعب اليمني الذي قاتل وسيُقاتل لأجل بقائها وإحياء شُعلتها التي أضاءت مسار حياتهم ومستقبل الأجيال

وسيبقى سبتمبر في عيون اليمنيين حياً دائماً لا يموت.

تعليقات