منبر حر لكل اليمنيين

” ابتسم أيها الأمير”

26

يبدو أن زيارة ولي العهد السعودي إلى مسقط لم تكن سوى محاولة الرمق الأخير لإنقاذ المملكة من مأزق العاصفة التي قادها بعقلية المتهور المغامر دون الاكتراث لعواقب ما سيواجه لاحقاً، وتقديم اليمن قُرباناً للحوثي مقابل حفظ ماء وجه الرياض ولو على حساب دماء اليمنيين التي سقطت على أيدي التحالف وميليشيا الحوثي.

ابتسم أيها الأمير ما يحدث في اليمن ليست لعبة بوبجي أو مسلسل من ثلاثين حلقة، وليس عملاً درامياً حتى وإن جاء في إطار حكاية وسيناريو وحوار وممثلين ومخرجين، ما يحدث في اليمن وما حدث سجل كبير حافل بجرائم حرب مختلفة لا يمكن لها أن تسقط بالتقادم، ولذا فالأمر لا يتعلق بضغطة زر لتُنهي هذا الملف المليء بالقتل والدمار والتشريد بزيارة دولة مجاورة وبحديث لا يتجاوز الستون دقيقة قضيتها مع نظريك في مسقط، الأمر لم يعد كما تعتقد وتفكر، ولم يعد يتعلق بالمال أو بالنفوذ، بل أصبح الأمر متعلق بمسألة وجودية ولا يمكن لنا أن نتعايش مع كهنة المعبد الذي تحاولون اليوم فرضه علينا حاكماً مُتسلطاً على رقابنا لتنجوا أنتم ونظل تحت وطأة كهنة المعبد المستشرفون.

ابتسم أيها الأمير نحن هنا لا نتحدث عن تواطؤ سعودي فحسب بل نتحدث عن قيادة سعودية قادت هذه الحرب بطريقة مرعبة وغبية في آنٍ واحد، قادرة على ارتكاب أبشع ما يمكن أن يخطر على بال الإنسان من جرائم، وتحاول اليوم التهرب من مسؤولياتها ومغادرة المشهد كلص عاثر يحاول إخفاء آثار جريمته في وضح النهار وأمام الأشهاد

ابتسم أيها الأمير هي صرخة تحد في وجه الاستبداد، ووقفة أبناء الشعب اليمني في وجه من غيب الحقائق وزور التاريخ، وسعى لطمس الهوية اليمنية، ومنع الناس من حقوقهم وممارسة حياتهم بالقمع والبطش والتهديد، ابتسم فنحن أمام عدو يمنع المواطنين من أن يتكلموا أو يقولوا ما يعرفون، وما يميز لقاء مسقط أيها الأمير أنه قد يكون الأخير من نوعه وربما للأبد.

تسعة أعوام أيها الأمير والحوثي يغلق الأبواب ويصادر المنابر، ويسيطر على الثروات والضرائب، ويجوع الناس ويحشدهم للموت والجبهات، ويعتقل ويقتل ويسحل بلا رحمة، كل ذلك حتى يحصر اليمن بين فخوذ ولاية الفقيه وعمامة المرشد، الذي يصب في مصلحته بعيداً عن مصلحة عامة الشعب الذي بات أطفالهم يجهلون معرفة تاريخهم وأهمية دولتهم التي بناها الشهيد علي عبدالله صالح وشيد أسوارها بقيم الثورة والوحدة والجمهورية

لماذا كل هذا الحقد أيها الأمير؟
لماذا لم تُساهم المملكة في دعم استقرار ووحدة أراضي الجمهورية اليمنية، لماذا تُصرون على أن تكونوا خنجراً مسموماً في ظهورنا وأعناقنا، أين العاصفة التي أتت لنجدة اليمنيين كما تدعوا، ألم تكن عاصفة مجيدة، وأين هي من الحركة التصحيحية التي يُفترض أن تُعالج أخطاء العاصفة التي لم تكن سوى إعصار دمر البلاد وجوع وشرد وقتل العباد، أين المملكة من الوعود ومركز بن سلمان وإعادة الأمل، لقد حفرتم قبوركم في قلوب وعقول اليمنيين، واكتفيتم ببناء وتشييد قصوركم بين أقدام ميليشيا الحوثي التي لم تكونوا يوماً معهم على خلاف

الحوثي لا يريد أن يَسلم من الحرب ولا يُريد لغيره أن ينجو، هو يُريد فقط أن نبقى في الظلمة، أن لا نعرف، أن لا نفهم، أن لا نُقارن، أن لا نُحلل أو نكتب، لا يُريدنا أن نستنتج أو نفكر، يُريدنا أسرى، وأن يُبقينا مصفدين في زنزانة فِكره المتعفن الذي كتب على جُدرانها بخط لامع وعريض، مولانا السيد وقائدنا إلى الأبد، يُريدنا عبيد وقطيع بلا علف

ابتسم أيها الأمير هي محاولة للنجاة من هذه الزنزانة العفنة، التي ترونها أنتم مستقبلنا وتحاولون اليوم ثنينا عن مقاومة ومقارعة هذا الظلم والجبروت، ولكنها تبقى أمنيات ليس إلا، وسننجو لأننا أصحاب الأرض ونمضي في الاتجاه الصحيح.

تعليقات