عقليّة التطرف وتداعيات الحقد والفُجور
العقليّة المتطرفة، لا تتغير بمجرّد انتقالها من وضع مجتمعي أو مسار سياسي إلى غيره، ولا بتحولها من حالة فكرية أو ثقافية إلى غيرها.. بل على العكس، أحيانا تكون أكثر تطرفًا وضَرَاوة..
فالمضخّم لمظلوميته -إن تغير وضعه وتمكن- يتحول إلى متوحش في سحق الآخرين وظلمهم والتفنن في إذلالهم؛ بل ويبتكر أساليبَ للتنكيل لم يفطن لها جلادوه فيما مضى.
والمسرف في الحملات الإعلامية والدعائية مع جهة مّا، إن تحول عنها؛ فإنه يتحول إلى كتلة من لهب الحقد والفُجور، ويقول في رفاق الأمس أسوأ بكثير مما قال عن رِفاق اليوم.
والمُفْرط بالدعوة إلى الإصلاح المالي والإداري ومكافحة الفساد؛ غالبًا ما يصبح -بعد تمكنه-عبقريًا في إدارة الفساد، ومبدعًا في العبث بمقدَّرات المجتمع، ونهب المال والممتلكات، مع الإبداع في خلق مبررات يشرعن بها فساده.
والمتعنت في تأييد التيارات الدينية، إن تخلى عنها، فإنه في الغالب يتحول إلى متطرف في الإنكار ومُبَالِغ في النقد؛ بل نجد أنه في فُحْشِه واحتقاره لمقدسات مُخَالفيه، يتفوق على الراسخين في الزَّنْدَقة.
وكذلك سائر أنواع التطرف..
وهذا يعني أن عقلية التطرف لا يمكنها أن تعيش دون تشغيل الطاقة السلبية؛ مع أي قضية وضد أي شيء.
لذلك يتعين علينا أن نُعوّد أنفسنا ونربي أجيالنا على الاعتدال كمبدأ وفلسفة وخُلق، وليس لمجرد مسايرة المراحل، وإن كان لا يلبي حاجتنا للتمترس وحِدّة الاصطفافات.
فمن يتطرف اليوم لك، قد يتطرف غدًا عليك.
*من صفحة الكاتب على الفيسبوك