كتلة الناصرين والاشتراكيين تمتنع عن حضور جلسة البرلمان لتمرير صفقة بيع السيادة اليمنية لأبو ظبي
ابتداء لا سبيل للتوفيق بين الديمقراطية الصادقة وغياب شرطها الأول ، أي السيادة الوطنية ، فالإشكالية متحققة بشأن سيادة اليمن ، فهي واقعة بالفعل تحت الاحتلال الإيراني في الشمال والاحتلال الإماراتي في الجنوب ، هذا الاحتلال صيغة مبتكرة للاحتلال ، لم نعد بحاجة لأن يملأ البلد جند الجمهورية الإسلامية الناطقين بالفارسية ولا أن يملأها جند أبو ظبي الناطقين بالعربية ، فما هو قائم هو تحويل اليمن إلى مقاطعة إيرانية في الشمال وإلى إمارة في الجنوب ، على درجة من الحكم الذاتي بما يتوافق مع مصلحة طهران ومصلحة أبو ظبي .
الحوثيون ينكرون تبعيتهم لإيران نظريا ويثبتون ذلك عمليا والشرعية تقر بوجود المليشيات التي تتبع أبو ظبي وهي تستعمل العنف القاهر والقسر والإكراه والتهديد لفرض إرادتها على الساحة السياسية الداخلية في اليمن ، وهذا يعني أننا أمام صيغة من التمويه لاحتلال متحقق ، تزعم المليشيات التابعة لطهران أن اليمن جزء من محور المقاومة الذي تقوده إيران ضد أمريكا وإسرائيل ، وتزعم المليشيات التابعة لأبو ظبي بأنها جزء من محور المواجهة مع إيران ، وفي خضم التبعية لهذا الطرف أو ذاك يتوجب على اليمنيين إنكار البين من الأدلة التي تكشف مسؤولية أبو ظبي عن مصادرة القرار الوطني وانتهاك السيادة الوطنية جنبا إلى جنب مع طهران .
ونحن اليوم أمام اجتماع لمجلس النواب للتشاور حول صفقة الاتصالات ولأن هذه الصفقة مصنفة سياديا ولكي تمر امتنع الوحدوي الناصري والحزب الاشتراكي عن الحضور بما يؤكد سيطرة أبو ظبي على أصوات القوميين والأمميين ومن خلالهم على القرار الوطني ، وما كان لهذا التسرب الإماراتي إلى اليمن ممكنا لولا الفجوات التي أحدثتها هذه الهويات القروية على حساب الهوية اليمنية ، يتنازلون عن سيادة اليمن ويسوقون تنازلهم ذلك بأنه خطوة ضرورية لمواجهة الحوثيين .
ولست بحاجة للقول ، إن قادة الأحزاب السياسية جميعهم أصبحوا أقرب إلى أمراء الحرب ، عملوا على تجريف التعددية والعمل الحزبي لصالح النفوذ الخارجي وسطحوا التعددية وجعلوا سيادة اليمن منقوصة بقدر نقص رجولتهم وكانوا جسرا للاختراق الخارجي وجندوا أنفسهم وقواعدهم الممتلئة بالجهل لتقديم الغطاء للاحتلال الإماراتي ، الذي لم يكن وليد القوة العظمى ، بل نتيجة تواطؤ الرخاص من اليمنيين الذين انعدمت الغيرة الوطنية لديهم وأصبحوا عبيدا للمال المدنس بفقدان الرجولة والعزة والكرامة .