صنعاء المدينة الموبوءة بالطاعون وعصابة الكهف
مع كل مناسبة من مناسبات الحوثي الطائفية التي تتجاوز ال12 مناسبة، يحتفل فيها قادة المليشيا برفع الشعارات الزائفة واطلاق التصريحات المخادعة، وسَبك الوعود بمستقبل زاهر وحافل بالنجاح والسؤدد.
احتفالات يقابلها أنين الجياع وأعداد هائلة من المتسولين في الشوارع، وجامعي الخردة وقناني المياه الفارغة، وتكدس للعمال في كثير من الجولات دون عمل بفضل المسيرة التي أتت من اقصى الشمال وسط تحالفات قبلية اعتقد بعضهم أنه سوف ينتج عنها مخرجات ناجعة، قبل أن تنبت الطائفية وتتسع رقعة المناطقية والعنصرية، ويجتاح البلاد فقر مدقع وجهل مخيف، ودورات عنف ودوائر نهب وتجاوزات لم تشهدها اليمن منذ مئات السنين.
الاحتفال بالمولد النبوي بهذه الشاكلة ظاهرة ليس لها صلة بصاحب الخلق العظيم الذي أمر بالعدل والمساواة وحارب الظلم حتى آخر يوم من حياته، واستوصى بالنساء خيرا وبر الوالدين، وأمر بالتكافل ونهى عن نهب أموال الناس بالباطل وأموال الدولة من المال العام.
حبكم للنبي حب مزيف، يتوقف عند المكاسب السياسية والمشاريع الطائفية والمذهبية، وتنفيذ الأجندة الايرانية، ونهب المقدرات، وانهاك المواطن والتاجر والعامل والموظف والطفل والكهل، والخزينة العامة، والقطاع الخاص، والدعوة للموت وتجيير الماضي بصورته القاتمة، ومحاول تشويه أجزاء كبيرة من التاريخ والشخصيات الاعتبارية، والتحامل على الجغرافيا والتقليل من قدرة الإنسان اليمني عبر كل العصور، ودوره في البناء والاعمار، ومحاولة ازاحة التنوع الذي استعادته ثورة 26 سبتمبر وجعلت منه مسار بناء وتكاتف ونهضة.
اليوم في صنعاء الموبوءة ببقايا التاريخ، وأفكار الخرافة وهرطقات السلالة، فقط؛ مئات الملايين من الريالات تم اهدارها من أجل انارة خضراء وبشكل اجباري، على حساب لقمة العيش ومشاريع التنمية وعملية السلام، والصحة والتعليم ومحاربة الأوبئة والحميات والنقص الحاد في التغذية وبناء المشاريع وترميم الآثار والبنى التحتية المتهالكة.
في صنعاء التي قتل فيها ما يقارب ال100 في رمضان الماضي من أجل خمسة آلاف ريال، صنعاء التي توفي أكثر من 20 طفلا من الزهور في صفقة أدوية السرطان المسمومة، في صنعاء التي كسر فيها ناموس الديمقراطية والاعلام والتعددية السياسية وحرية العبادات، في صنعاء التي قتل فيها الشهيد علي عبد الله صالح داخل منزله، وقتل فيها الأمين عارف الزوكا بطريقة جبانة.
صنعاء الموبوءة اليوم بالمليشيا التي أيقظت الثارات، ودمرت التأريخ، ونهب الآثار، واهانت الإنسان، نزعت منه الحرية والكرامة، وتصلبت أمام كل محاولات السلام والمحبة، وزرعت عشرات الآلاف من الألغام، وهاجمت العزل والمدنيين، وقنصت الأطفال واعتقلت المعرضين، ووضعت يدها على كثير من المقدرات الخاصة وجندت الأطفال والشباب، وعززت حضورها من خلال دورات طائفية مكثفة، ومحاضرات مغلقة وأفكار مهزوزة أقرب للفاشية.
صنعاء الموبوءة بهذا الغبار الطارئ، اليوم شاهدة على كل هذه الاختلالات ونقض الاتفاقيات والعهود والمواثيق، وتصفية الشركاء واعتقال الكوادر، وتلفيق التهم للمناهضين، وازاحة كل من يعمل من أجل البلاد ونهضتها.
لذا كل هذا البهرج وهذا التغني كذبا بالنبي لن يكون إلى شاهدًا على مرحلة من أبشع مراحل التاريخ الحديث، الذي لم يهنأ فيه الإنسان اليمني في الشمال والجنوب يومًا واحدًا، لا في نومه ولا في لقمة عيشه ولا في حركته ولا في عمله.