الصيادين اليمنيين والنظام الارتيري.. اضطهاد وارهاب وأشغال شاقة وعدم احترام الاتفاقيات
في 15 ديسمبر 1995 قامت إريتريا بمحاولة احتلال جزيرتي حنيش الصغرى والكبرى وجزيرة زقر، وذلك على خلفية أحقيتها في تلك الجزر، مما أحدث نزاع جزر حنيش في حينه خلافًا طارئًا بين البلدين، فتدخلت وساطات إقليمية وعربية ودولية وعقدت عدة اجتماعات، وتم توقيف الحرب بين البدين في 18 ديسمبر 1995، كما تم الاتفاق على تأجيل المفاوضات الدبلوماسية إلى أواخر فبراير 1997.
وقد نجحت الوساطات الدولية في احتواء ذلك النزاع في إطار حلول سلمية عبر عدة مراحل، وصولاً إلى توقيع اتفاق المبادئ بين البلدين في 21 مايو 1996 بوساطة فرنسية وحضور مصري وإثيوبي، وهو الاتفاق الذي حدد التحكيم الدولي كوسيلة مقبولة من الطرفين لحل النزاع بينهما، وانتهت المحاكمة الدولية بصدور قرار هيئة التحكيم في أكتوبر 1998 بأحقية السيادة اليمنية على الجزر، وتم بالفعل سحب القوات الإريترية من تلك الجزر بعد ثلاثة أسابيع من صدور قرار هيئة التحكيم الدولي.
منذ انسحاب القوات الارتيرية حتى الساعة مع الفارق في المراحل ظلت السلطات الارتيرية تسوم الصيادين اليمنيين سوء العذاب وبشكل وحشي دون أي مبرر، تطور الأمر مع مرور السنوات حتى وهن دور الجيش اليمني والنظام فزادت ارتيريا من تماديها حيث تقوم باعتقال عشرات الصيادين على مدار العام البعض يستمر لمدة عام البعض لبضعة أشهر وفوق ذلك تقوم بتعذيبهم ومصادرة ممتلكاتهم وفرض عليهم أشغال شاقة طيلة الفترة التي يقضونها هناك في سابقة لا تحدث إلا من الارتيريين مع الصيادين اليمنيين.
غياب الديبلوماسية ودور الجامعة العربية
ضعف الديبلوماسية اليمنية وعدم الاهتمام المتعمد أو الالتفات من قبل النظام الدولي الذي يكيل بمكيالين، فتح المجال أمام السلطات الارتيرية أن تقوم بكل شيء من أجل امتهان مجاميع الصيادين وتعذيبهم واعتقاله داخل المياه الدولية واللحاق بعم إلى المياه اليمنية نفسه، وهذا يعكس أولا النظام القمعي الأسوأ في المنطقة إلى جانب عدم عمل أي اعتبار لعلاقات الأنظمة وعلاقات الجوار بين البلدين، ناهيك عن تنفيذ أجندة سياسية من أجل اشغال المنطقة بالصراعات ومحاول السيطرة على الجزر المترامية في البحر الأحمر ومضيق باب المندب.
غياب دور الجامعة العربية خلا العقدين الأخيرين وموت القرار العربي الجمعي واحد من أهم الأسباب التي أدت إلى توسع رقعة الأطماع الصراعات البينية وصراع الجوار العربي العربي، ومحاولة النيل من الثوابت والقيم تحت دعاوى كثيرة.
الأمر الأهم من قبل ومن بعد ما هو دور السفارة اليمنية في أسمرا والعكس ماذا يقدم هؤلاء إذا كانوا غير قادرين على التفاهم حول مسألة مجموعة من الصيادين الذين يبحثون عن رزقهم في قعر البحر؟ ولماذا هذه السفارات باقية؟ وما هو الهدف من كل هذ الاستعراض والاذلال الذي يمارس على الصياد اليمني في عرض البحر؟
هناك تقارير واحصائيات مخيفة حول هذا الأمر، وهناك عائدون من المعتقلات الارتيرية يحكون قصصا مذهلة وطريقة معامل غير انسانية ولا تمس للآدمية بصلة، ولذا فإنه من الطبيعي حين يختطفك انسان من مكان ما وتحت التهديد والعنف دون مبرر لا يمكن أن تتوقع من معاملة حسنة، وهذا الحاصل مع النظام الارتيري.
تقارير تكشف حجم المعاناة
حول انتهاكات الجهات الأريتيرية للصيادين اليمنيين كانت هناك العديد من التقارير الاستقصائية وغيرها قد كشفت حجم المعاناة، أهم هذه التحقيقات حول فصول المأساة التي تعيشها أسر صيادين يمنيين ذهبوا إلى البحر من أجل لقمة العيش ولم يعودوا من بينهم محمد البغيدي وهو واحد من مئات الصيادين الذين اعتقلتهم ارتيريا من داخل المياه الاقليمية اليمنية في 2014 ليموت داخل السجون الارتيرية ويدفن بعيداً عن اهله ووطنه بحسب الصحفي أصيل سارية.
ونقل التحقيق عن ملتقى الصيادين والجمعيات التعاونية للعاملين في مهنة صيد الأسماك احصائيتهم أن ارتيريا اعتقلت خلال الفترة 2010-2016م أكثر من 4600 صياد يمني فيما كشف عبر وثائق قال أنها تنشر لأول مرة تتضمن اعتراف الحكومة اليمنية عام 2014م بأن الاختطافات تتم داخل المياه الإقليمية اليمن، بينما لم تقم هذه الحكومة بأي توجه جدي لوضع حد للانتهاكات الارتيرية.
وكشف معد التحقيق الزميل أصيل ساريه في إحدى أحاديثه “للخبر اليمني” أن إعداده للتحقيق بدأ في العام 2014م لكن الظروف التي تمر بها البلاد منذ تدخل التحالف العربي بقيادة السعودية في مارس2015م جعلت التحرك لإتمام التحقيق أكثر صعوبة ما سبب توقفه العمل لأكثر من عامين.
التقارير بشكل عام والاحصائيات كشفت عن ملف انساني قبل أن يكون سياسي قائم على القمع والاضطهاد والارهاب النفسي والجسدي وعدم احترام المواثيق الدولية والعلاقات الديبلوماسية بين الدول، إضافة إلى تنفيذ أجندة سياسية خطيرة تبدأ من انتهاك الصياد اليمني ولا تنتهي عند انتهاك السيادة بحيث أن عمليات الاعتقال يتم معظها في المياه اليمنية.
مهزلة متى تتوقف
بحسب تحقي سارية لشبكة “أريج” فقد سمحت اتفاقية التحكيم بين اليمن وارتيريا عام 1999 لصيادي البلدين بالصيد في المياه الاقليمية للبلدين وفي الوقت الذي يُسمح لصيادي اريتريا بالصيد في بحر اليمن وبيع منتجاتهم والتزود بالوقود في الموانئ اليمنية، تعتقل السلطات الارتيرية الصيادين اليمنيين ومن داخل المياه الاقليمية اليمنية، وهذا الخبر من التحقيق السابق “رحلة اللاعودة “.
إذا لا يكفي أن يخاف الصياد اليمني من البحر وغدره نتيجة العواصف والرياح إذ لا بد عليه أن يخاف من القوات الارتيرية التي تعكس صورة غير آدمية وديبلوماسية صفر من العنف الذي يمارس ضد اليمنيين من الصيادين والاضطهاد وفرض الاشغال الشاقة.
السؤال هنا متى سيتم إيقاف هذه المهزلة من قبل أطراف الصراع في اليمن الذين يقولون انهم يحافظون على السيادة ويحمون كرامة اليمني، حتى سلطات صنعاء الحوثية حين ظهرت قوية راحت تعتقل الخارجين من المعتقلات الارتيرية وبدأت التحقيق معهم وحولتهم إلى السجن.
على ما يبدو أننا أمام مسألة لا أحد قادر على التعبير عنها من كافة الأطراف وأن صوت الصياد والأساليب التي من خلالها يتم اهانته ومصادرة حقوقه وممتلكاته لم تصل بعد ولن تصل أسماع سعادة السفراء وأصحاب المعالي والسمو والمجلس الرئاسي.
- مصادر ويكبيديا- شبكة أريج.