الفقر ينقض على القضاة في تعز والحكم لشريعة الغاب
على وقع انهيار اقتصادي لم يسلم قطاعا من تداعياته ، يواصل القضاة في تعز إضرابهم المفتوح ، وقبل ذلك شهدت عدن إضرابات متعددة احتجاجا تارة على تدهور قيمة رواتبهم وسوء الخدمات في المحاكم ، وتارة على وضعهم الأمني ، يشكل إضراب القضاة دليلا إضافيا على حالة الانهيار الكامل الذي تعيشه المؤسسات العامة للدولة .
يعد إضراب القضاة هو الأخطر في ظل تفاقم أزمة اقتصادية غير مسبوقة وانفلات أمني غير مقبول ، فيما يستمر الانسداد السياسي قائما والذي بدوره انعكس على الوضع المالي والاجتماعي الذي يعيشه الجسم القضائي وما يتعرض له من إذلال وقهر ومهانة .
شريعة الغاب هي السائدة ، حيث تسود الفوضى في المجتمع وتتصرف كل جماعة كما تريد في ظل غياب الأمن وسوء السلطة ، لذلك أعتقد أن إضراب القضاة يلامس خط التعذر على الرغم من الصمم الذي أصاب آذان سلطة الشرعية التي تتعمد تجاهل التعاطي مع الإصلاحات القضائية أولا ومع المطالب الوطنية والحقوقية ثانيا ، هناك رغبة متعطشة من قبل السلطة المحلية في تعز لتقويض القضاء وإخضاعه للتبعية المهينة .
أنا متعاطف مع السلطة القضائية ، لكنني لست مع الإضراب ، لأن العدالة لا تضرب والحاكم لا يضرب ، بل يواجه بالمزيد من العطاء للوصول إلى تحقيق مطالبه ، والمفروض أن يسرع القضاء في البت بقضايا الناس وفتح ملفات الفساد ، فقد جعل القضاة محاكمهم مهجورة من قضايا الفساد وكأنه أصبح هناك اتفاقا سريا بين القضاة والفاسدين .
أقول للقضاة إن الاعتكاف لن يعالج المشكلة ، بل إنه يرضي السلطة التي تمارس الفساد والتي تريد من القضاة أن يغضوا الطرف عنها أو تدفع بهم إلى الاعتكاف ، مثلما دفعت بالأجهزة الأمنية إلى الاعتكاف والتخلي عن دورها ، وها نحن نرى كيف أصبح وضع الوطن أمنيا ، فهل نترك الوطن دون رقيب قضائي وأمني ؟ يجب على القضاة أن ينتزعوا استقلالهم عن السلطة التشريعية والتنفيذية وحينها سيحصلون على كامل حقوقهم دون الحاجة إلى تعطيل حقوق المواطنين أو إرضاء السلطة في الغض عن فسادها .