دُوَارٌ بلا أمَدٍ أو طَرَفْ
دُوَارٌ بلا أمَدٍ أو طَرَفْ
كأنَّ الزّمانَ أضاعَ الهَدَفْ
نهارٌ، ولَيلٌ، فماذا الجديدُ؟
وموتٌ، وعيشٌ، فماذا اخْتَلَفْ؟
سؤالٌ يُعَذِّبُ قَلْبي، كما
يُعَذّبُهُ إنْ دَرَى أو عَرَفْ
مُعادٌ على الأرضِ هذا الوُجودُ،
وما سَتَرَ الدَّهْرُ، أو ما كَشَفْ
تَأَمَّلْ إلى خَلَفِ الشَّيْءِ إنْ
تَمَنَّيْتَ أنْ تَلْتَقيْ بالسَّلَفْ
سئمْتُ التّأمُّلَ في كُلّ شيءٍ
كما سئمَتْني لَيالي الشُّرَفْ
وأوْقَعَني الصَّمْتُ في حيْرةٍ
أشَدِّ وأعْمَقِ ممَّا وَصَفْ
وأقْلَقَني كُلُّ شيءٍ يَنامُ
وفي أضْلُعي كُلّ شيءٍ عَصَفْ
وأضْحَكَني مِن عبيدِ التُّرابِ
دماءٌ تُراقُ لأجْلِ الشَّرَفْ
أتَاهتْ بهِمْ فِطْرَةُ البَحْثِ عن
إلهٍ إلى كُلّ هذا السَّخَفْ؟
فكُلٌّ لهُ فوقَ تَلٍّ إلهٌ،
تَفَنَّنَ في نَسْجِهِ واحْتَرَفْ
وقَدَّسَ ألْوانَهُ، وانْتَمى
إليهِ، وصَلّى لهُ واعْتَكَفْ
لقد أتَعَبَ البَشريَّ الظَّما،
وأوقدَ لهْثَتَهُ ما اغْتَرَفْ
يُعَذّبُني أنّني كُلَّما
رأيتُ رأيتُ الظَّما يُرْتَشَفْ
ويُحْزِنُني أنّني لَم أجِدْ
لمَن شُغِفوا سَبَبًا للشَّغَفْ
أحاولُ تَفْتيشَ هذا الزِّحامَ،
وهذا الضَّجيجَ، وهذا الهَرَفْ
ولستُ أرى عِلّةً للسُّرورِ
ولا للبُكاءِ، ولا للأسَفْ
ويُسعِدُني أنّني واقفٌ
مِن الحُزْنِ والسّعْدِ في المُنْتَصَفْ
وأعْجَبُِ مِن أنَّ فوقَ القُبورِ
تُشادُ القُصُورُ، وتُبْنى الغُرَفْ
رُفاتٌ وجِنْسٌ وهذا التَّلَذُذُ
مُفْتَرِشٌ ظَهْرَ هذي الجِيَفْ
ولا الموتُ يَدري لماذا يُمِيتُ
ولا الجِنْسُ يدري لماذا قَذَفْ
سأعْتَزِلُ الناسَ وفالناسُ لا
يقولونَ : إلّا غَوَى وانْحَرَفْ
وما بي انْحِرافٌ، ولكِنَّ بي
سُؤالًا يريدُ اكتشافَ الهَدَفْ…
أُحِسُّ بقُرْبِ السَّما كُلَّما
تأمَّلْتُها والفؤادُ ارْتَجَفْ
وأحْسِبُها سوفَ تَحْكي إليَّ
وتُسْعِدُ فِكْري ببَعْضِ التُّحَفْ..
وأُصْغي لصَوتٍ رَهيفٍ دنا
وأُرْهِفُ سَمْعي لهذا الرَّهَفْ
وحينَ أرى، لا أرى جانِبي
سِوى ماعِزٍ باحِثٍ عن عَلَفْ