رئيس.. غريب في وطنه
كأنه نكرة أو حاطب ليل دخل مدينة المهرة محاطًا بحراسات غير يمنية ، و خرج منها، و لم نسمع بعده نباح لكلاب المنطقة و عاد لفندقه الضخم، و عاد مرافقية لربعهم و أهاليهم.
دخل غريبًا عن الديار . فلا كان يشبه بشرها،ولا هم بشبهونه.. لا قبلت به أرضها ولا سماءها..لا هواءها ولا أشجارها..
نعم لقد وصل المهرة أرضه و وطنه، و كأنه مبعوث أو سفير أو ضيف أو مدير مشاريع للدعاية. قولوا ما شئتم غير ان يكون رئيس بلد، و وضع حجر اساس وهمية، كما سبق و وضعها في عدن و حضرموت، و إطلق عددًا من الوعود الكاذبة وعاد للكفيل.
زيارة غريب في وطنه، كما يُطلق عليها أبناء المهرة، و الذي أصابت كل من تابعها من العامة، أو من المهتمين بالشان السياسي الوطني بالصدمة و الذهول، و بكثير من الدهشة التي لا تخلوا من الحيرة، ومن الأسباب و الدوافع التي تجعله و هو مسؤول عن بلد ذات سيادة يظهر بذاك المظهر الذليل الذي يمثل إهانة للوطن والشعب، و إنتقاصًا من سيادتهما وكرامتهما، لأن هذا الشعب و هو صاحب التاريخ العريق و الحضارة الأكثر عراقة المؤغلة بتاريخها ومكتسباتها الثقافية و الحضارية، بلد يعتز بكل مآثره الحضارية وبكرامته و هويته و انتمائه الوطني.كل هذه القيم و المكتسبات تعرضت للنكران و التنكر ومن قِبل من؟
من قِبل مَن يُمثل رمزها السيادي الوطني، و عنوان كرامة شعب و سيادة و استقلال وطن دفع انهارًا من الدماء، وجبالًا من جماجم الشهداء، ولا يزال يقدم التضحيات في سبيل سيادته و استقلاله و كرامته الوطنية و جمهوريته..
ثمة مثل حميَري يقول (تموت الشريفة ولا تأكل بثدييها) والمقصود به أن الوطن غير قابل للارتهان و للانتقاص. و لا يمكن أن يصبح مجرد تابع لأي طرف خارجي، مهما كانت جمائل أو مواقف هذا الطرف مع البلاد، أو مع النظام أو مع راس النظام..
نقف و وقفنا وقدمنا الدم والرجال ضد المليشيات الإنقلابية المرتهنة لأطراف خارجية، وتمسكنا ب (الشرعية) بهدف تعزيز مؤسساتها و ترسيخ قيمها، و تكريس علاقتنا بها كثقافة وطنية و من أجل طمس و محو ثقافة العصبوية و السلاليه بكل أشكالها وأسبابها.
و المؤسف أننا جميعًا بما فينا رموز الشرعية، وعلى رأسهم المذكور الذي يتحدث في كل تصريحاته و خطاباته عن تبعية و إرتهان المليشيات الانقلابية لإيران، و طالب من المجتمع الدولي الضغط على إيران كي تكف يدها عن اليمن، و تلك مواقف ندعمها ونقاتل من اجلها، غير أننا وجدنا أنفسنا مجبرين بأن نطالب من السورقي الالتزام بما يطالب به من الآخر السلالي المليشياوي، إذ أن التبعية والإرتهان أفعال منبوذة أيًا كان من يمارسها.
و إن كنا نُجرم المليشيات الإنقلابية الإرهابية على تبعيتها للخارج، فماذا و بأي منطق نفسر ما قام به الغريب في وطنه الذي وصل محافظة هو رئيسها برفقة حراسة و حماية غير يمنية; ليقوم بفتح أو تدشين بضعة مشاريع قيل أنها تنموية، و في الواقع هي مشاريع وهمية تندرج في سياق بروباجندا دعائية غايتها تلميع أطراف لم تتردد في جعله و كأنه نجم من نجوم الكرة و الفن يُقدم فقرة إعلانية؟ من خلال زيارة خابت أكثر ما صابت.
زيارة كانت مُهينة للمقعد الرئاسي، و لسيادة و كرامة الوطن و الشعب.
و المصيبة أن الزيارة لمحافظة المهرة لم تدم طويلًا; إذ سرعان ما عاد (فخامته) برفقة حراسته إلى بلد حراسته التي قدم منها. فبدا كحاطب في ليل، أو كأنه يؤكّد للشعب اليمني من خلال هذه الزيارة التي جاءت برعاية و حراسة أمنية مدججة تنتمي للخارج و ليس فيها رجل أمن يمني، إنه مجرد موظف لدى الأشقاء ، و مثل هذا السلوك وأيًا كانت دوافعه لم يحدث أن جاء به مسؤول يمني، حتى من أولئك الذين ارتبطوا بعلاقة تبعية مع الأشقاء و تسببوا في معاناة الوطن و الشعب لعقود.
لكن أن يأتي مثل هذا السلوك الإرتهاني من قِبل رأس النظام الجمهوري، و أكاديمي يدرس الوطنية، ( ان فاقد الشيء لا يعطيه ) الذي ربما لا يُدرك أنه بهذا السلوك يؤغل في إهانة شعب، و ينتقص من كرامة و سيادة وطن.
إن ما جاءت به زيارته الأخيرة، تبرز حقيقة احتياج اليمن للمخلصين من أبنائه و رموزه، و هم كُثر، و لا تفتقدهم البلاد التي فيها الكثير من الوطنيين الشرفاء المخلصين الذين لا يساومون على سيادة وطنهم، وكرامة شعبهم، ولا يقبلون أن يكونوا مجرد أدوات وأذلاء بيد هذه الجهة، أو تلك، و لو كان الثمن حياتهم.
إن اليمن بأرضها و شعبها و قدراتها بحاجة إلى شخصيات قيادية وطنية ترتقي بادائها إلى مستوى إعتزاز شعبنا بكرامته و سيادته الوطنية، و رسالتهما الحضارية.
أن الاكاديمي صاحب الربطة الأنيقه ليس هو الرئيس القادر على إخراج اليمن من محنته الراهنة; لان من لا يملك إرادته لا يملك قراره، ومن سمح لنفسه أن يكون مجرد رسول أو مبعوث للأشقاء. يأتي لوطنه، و يغادر في حراسة قوات أجنبية، في زيارة دعائية تشبه قيام لاعب الكرة (رونالدو) بارتداء الثوب وأداء (رقصة العرضة) السعودية !
أن من لا يكرم نفسه كُرهًا يُهان.