لماذا طرد صالح السفير السعودي ولماذا ذهب أحمد علي إلى الرياض بعد ذلك؟
قبل أن تبدأ السعودية حربها على اليمن زار السفير السعودي علي عبدالله صالح مرتين ، كنت حاضرا في اللقاء الأخير الذي كان يتحدث فيه آل جابر عن استعداد بلاده لدعمه كي يشن حربا على الحوثيين ، فكان جواب صالح ، إذا أردنا أن نهزم الحوثيين ، فيجب أن نطلب منهم أن يتحولوا إلى كيان سياسي ويمارسوا نشاطهم مثلهم مثل بقية الأحزاب والقوى السياسية .
أضاف صالح ، إن الحرب ستكون في صالح الحوثيين ، ولنا تجربة ستة حروب ، هناك قوى إقليمية ودولية ستدعمهم نكاية بالسعودية واليمن ، كان جواب آل جابر ، إما أن تكون معنا أو ضدنا ، مما جعل صالح ينهي اللقاء ، ما قاله صالح بعد مغادرة السفير ، السعودية تريدنا نقتتل فيما بيننا ، فهي التي دعمت الحوثي وأوصلته إلى عمران انتقاما من حميد الأحمر ، لأنه أشار في تصريح له ، إلى أولئك الذين يحكمون من غرف الإنعاش ، فانزعج السعوديون من ذلك وأرادوا أن ينتقموا .
ما لمسته من صالح ، أنه لم يكن لديه أدنى شك أن السعودية ستدخل الحرب ، وكان يستبعد ذلك تماما ، مما أربك خطته للانقضاض على الحوثي والسيطرة عليه ، ولا شك بأن السعودية كانت تهيئ نفسها للحرب وكانت تدفع بالحوثيين للانقضاض على خصومها من الإصلاح والمؤتمر ، لكن الحوثي استفاد من الخلافات الموجودة وانقض على الجميع الواحد بعد الآخر .
كان محمد آل جابر يسعى من فترة مبكرة لصرف فيز للإعلاميين والمثقفين والسياسيين والشخصيات الاجتماعية وكان المسؤول عن ترشيح المثقفين نجيب غلاب ، أذكر بتاريخ ٢٠١٥/٢/١٠ اتصل بي آل جابر من تلفونه MTN وسألني ما إذا كان لدي فيزة دخول إلى السعودية فقلت لا ، قال سيتصل بك سواق السفارة ويمر يأخذ الجواز وخلال نصف ساعة ستكون الفيزا عندك ، اعتقدت حينها أنني سأطلب لإقامة ندوة هناك ، فقد استضافني أنور عشقي في مركزه قبل ذلك .
ما أريد قوله ، إن السعودية كانت تهيئ نفسها للحرب ، وبعد أن اشتعلت الحرب بفترة ، عاود السفير الاتصال بي وقال لي بالحرف ، عليك أن تلحق بالشرعية، ومن لم يلتحق بالشرعية فلن يكون له مكان في قادم الأيام ، وكان جوابي بأنني سأكون في بلدي ولا أريد مكانا بغير وطني .
قبل الحرب تقريبا بعشرة أيام اتصل بي دبلوماسي عراقي اسمه ناجي حرج كنت قد تعرفت عليه في جنبف ، قال لي إن رئيس الائتلاف الوطني السوري أحمد الجربا يريد لقاء صالح أو نجله ، فهل ممكن تنسق مع أحدهم ، قلت له سأبلغ الرئيس وأرد لك خبر ، وبالفعل اتصلت بعلي معوضة وأخبرته أنني أريد مقابلة الرئيس لأمر هام ، وبالفعل قابلته بعد ساعة تقريبا ونقلت له رغبة الجربا ، فقال لي ، قل له على الرحب والسعة يتفضل .
نقلت لصديقي العراقي الموافقة ، فقال أنت تعرف حساسية الموضوع فهو لا يقدر المجيئ إلى اليمن ، لكنه يستطيع مقابلته ، إما في الرياض أو أبو ظبي أو جنيف ، ونقلت ذلك للرئيس ، فقال لي أبلغه أن أحمد سيقابله ، ولا أدري كيف جرت الأمور بعد ذلك ، حتى ذهب أحمد إلى الرياض قبل الحرب بثلاثة أيام .
ما أعرفه على وجه اليقين ، أن أحمد علي ذهب بطلب من السعودية والوسيط أحمد الجربا ، على عكس ما نقلته بعد ذلك قناة العربية وزعمها بأنه ذهب يحمل ملفات من ضمنها ضمان الحصانة له ولأبيه واستعداده لفك الشراكة مع الحوثيين ، ففي هذا التاريخ لم يكن صالح قد تحالف مع الحوثيين ، وللأسف استقبل وزير الدفاع محمد بن سلمان أحمد علي استقبالا مهينا انطوى على لهجة تهديد قاسية لم يستسيغها أحمد علي وعاد إلى أبو ظبي ، كان بن سلمان حينها مازال بتلك النفسية التي تعامل بها مع خاشقجي فيما بعد ، وكان لا يقبل كلمة لا ، وها نحن بعد تسع سنوات من الحرب على اليمن والزعم بقطع يد إيران في اليمن ، نسمع وزير خارجية إيران يتحدث عن الخليج الفارسي من الرياض .