الخميني في البحر الأحمر تقدير موقف
المبتدأ:
اليمن بحريا ينتمي إلى نظامين أمنيين إقليميين في آن واحد، بحكم موقعه الاستراتيجي على مضيق باب المندب الذي يربط البحر الأحمر ببحر العرب.
الأول: النظام الأمني لدول بحر العرب،
ويبدأ من خليج عدن غربا، إلى خليج عمان شرقا، وصولا إلى مضيق هرمز في إطار الامتداد الطبيعي للمحيط الهندي… ويتشكل هذا النظام حاليا من اليمن (الجنوب) إضافة إلى الصومال، وعمان، وإيران، وباكستان، والهند، وجزر المالديف.
الثاني: النظام الأمني لدول البحر الأحمر، ويبدأ من خليج عدن وباب المندب جنوبا، وصولاً إلى خليج العقبة شمالا، تتقاسمه اليمن وجيبوتي، وإريتريا، والسودان، ومصر، والسعودية، والأردن، وفلسطين و(إسرائيل)
الخبر..
هناك تنافس محموم يصل أحياناً إلى صراع وعراك بحري وألغام وقرصنة بين هذين النظامين. أهمية موقع اليمن في النظامين جعلت الأطماع العالمية تترصده دوما وتنحصر أهمية اليمن في البعد الأمني لملفين هامين، الأول: مكافحة الإرهاب والقرصنة والثاني: أمن طرق الملاحة وتدفق الطاقة.
مؤخرا تناقلت الأخبار وصول قوات بحرية مصرية إلى جزيرة ميون في قلب باب المندب وذلك سيعزز الوجود العربي في البحر الأحمر ويقطع طموح إيران وغيرها في اختراقه كونهم ليسوا ضمن هذه المنطقة النظامية..
الجملة..
بدأت أطماع إيران في البحر الأحمر في أواخر عام 2001م، حيث أنشأ الخامنئي لجنة من الحكومة الإيرانية، ورئاسة الجمهورية، والمراجع الدينية، ومكتب قائد الثورة، تُعد مشروع الاستراتيجية الإيرانية لتحديد مستقبل إيران في الخارج، باعتبارها إمبراطورية مستقبلية وصدرت حينها “الوثيقة الإيرانية العشرينية” (من عام 2005م – عام 2025م)، أو الخطة الإيرانية العشرينية “إيران: عام 2025”. وهي تُعتبر “أهم وثيقة قومية وطنية بعد الدستور الإيراني”؛ كونها تضع التصورات المستقبلية للدور الإيراني خلال عشرين عامًا، خط خطوطها العريضة محسن رضائي شملت خمس مناطق بحرية ستتواجد فيها إيران، أهمها منطقة البحر الأحمر، حيث تحتل منطقة البحر الأحمر الأهمية الأولى لإيران، باعتبارها قلب مناطق الكيان الإمبراطوري الفارسي المحتمل، ولذا بدأت بنسج الاستراتيجيات والسياسات وتحشد الإمكانيات المادية والعسكرية للوصول للهدف المنشود.
وأصبح البحر الأحمر الوجهة الأهم الذي تحاول إيران اختراقه بشتى السبل كون إيران لا تنتمي إلى النظام الأمني المخصص لدول هذه المنطقة المتشاطئة عليه، لكنها تحاول إيجاد سبيل إلى ذلك.
سعت إيران للاستفادة من الحالة الرخوة لجمهورية أرض الصومال من خلال اختراقها للمجتمعات المحلية في هذه المنطقة، وإثارة النعرات السلالية في المكون السني والفرق الصوفية، إضافة إلى إثارة النزعات العرقية، من خلال سلالة الأشراف الإسحاقيين، أشراف آل البيت المزعوم، لتكرار ذات الفعل والنسخة التي أوجدتها في اليمن باسم أنصار الله، وتسعى إيران إلى الاستفادة من الموقع الجغرافي الذي يتواجد فيه الحوثيون وشباب الصومال لذات الهدف.
كما جندت إيران العديد من الصيادين اليمنيين والإريتريين للعمل في مهام أمنية استخباراتية، ومنحت الذين يعملون في منطقة الاصطياد الممتدة من باب المندب وحتى مدخل قناة السويس زوارق اصطياد حديثة.
كما أن السفن الإيرانية تستطيع أن تجوب بحر العرب بحرية كاملة حتى تصل إلى خليج عدن بحكم عضويتها في النظام الأمني لمنطقة بحر العرب، وثقت إيران علاقتها بإريتريا واستأجرت بعض القطاعات الساحلية في جزيرة دهلك حتى تتمكن من اختراق النظام الأمني للبحر الأحمر عبر هذا الوجود الحيوي لها في أرخبيل دهلك الإريتري.
على سبيل الختم..
اليمن والدول العربية المطلة على البحر الأحمر باتت تدرك خطر المشروع الخميني في البحر الأحمر والصراع القادم الذي تجهز له إيران في المنطقة بأدوات داخلية الحوثي أهمها ثم شباب ومجاميع في الصومال وغيرها مسنودة بمنظومة استخباراتية وتنسيقات أمنية مع عصابات أخرى والهدف النهائي هو السيطرة على المنطقة من ساحل عمان المتاخم للمياه الإيرانية حتى خليج السويس المتاخم لصحراء سيناء المصرية القريبة من غزة، وهو الخط الذي يمر بالمياه اليمنية في بحر العرب، وخليج عدن، وباب المندب،
ومن ثم الدخول إلى البحر الأحمر وصولاً إلى خليج السويس وسيناء وغزة. وهو خط استراتيجي بالغ الأهمية من المنظور الحربي ويشكل خط التفاف يستخدمه المحارب الإيراني انطلاقاً من اليمن عبر باب المندب والبحر الأحمر وصولاً إلى سيناء وإذا نجحت في ذلك تكون قد استكملت تطويق المنطقة وهو مايستدعي الإعداد والمواجهة والتعبئة والحد من تدفق الأسلحة الإيرانية والألغام التي لم نتعرف على كثير منها ومن الطائرات المسيرة والصواريخ البالستية، إلا عبر وكلاء النظام الإيراني في لبنان واليمن والعراق وسوريا وغيرها.
ليس من المبالغة القول، إن نظام الخميني السياسي الممزوج بالمذهب هو محنة الشعوب العربية في العصر الحديث، منذ الحرب العراقية حتى اليوم وهو الخطر الأبرز دون كل الأخطار على كثرتها.
*نقلا عن نيوزيمن.