الحوثيون يتجاوزون السرقات المعتادة
منذ فترة طويلة، كان الحوثيون يعانون من صعوبات مالية هائلة. فقد تعبوا من استنزاف خزائن الزكاة في صعدة ونهب المساعدات التي كانت تقدم للنازحين بسبب حروبهم العبثية على الدولة. ثم في خطوة غير متوقعة، قرروا الانتقال إلى سرقة الأموال العامة والخاصة ومرتبات الموظفين وكل شيء داخل البلد بما في ذلك الدولة نفسها ومقارها وممتلكاتها!
قد يبدو هذا الأمر غريبا، ولكنه حدث فعليا وهو يعكس وجها حقيقيا لما يمكن أن يصبح عليه وضع أي بلد يسقط في أيدي قطاع الطرق. نهب الحوثيين كل شيء ثم قرروا الاستفادة من المرتبات الشهرية للموظفين الذين يعملون بجد لتوفير لقمة العيش لأنفسهم وعائلاتهم.
وعندما سيطروا على إدارة الحكم عمد الحوثيون إلى تشكيل لجان خاصة بالسرقة الإدارية “، وتضم مجموعة من الخبراء في سرقة المال العام والاستيلاء على الأموال الخاصة من قبيل الحارس القضائي وهيئة الزكاة ولجنة الشؤون الاقتصادية. وقيل إن هؤلاء الخبراء يتمتعون بمهارات عالية في التلاعب بالأرقام وتزوير المستندات المالية وتلفيق التهم الجنائية وهذا لم يكن صحيحا لأنهم يسرقون بالمفتوح ودون أدنى احتياج للاختباء خلف أية وثائق.
قامت اللجنة بتطوير استراتيجية محكمة للتلاعب بالأموال المنهوبة بوضوح تام، حيث يتم تحويل جزء منها إلى صناديق الحوثيين الخاصة لتسيير حياتهم المترفة وتخصيص جزء لإعاشة وتغذية التشكيل العصابي الأدنى فيما يحوز زعيم العصابة ودائرته المبلغ الأعلى.
من المثير للدهشة أن الحوثيين يروجون لهذا التدمير البشري على أنه” دعم للطبقات العاملة للحصول على كرامتها “وما يضحك أكثر، هو الادعاء أنهم يقومون بهذه السرقة لأجل مصلحة الشعب اليمني في أن يستوفي كرامته المنقوصة وتحريره من عبودية الحاجة للمرتب! لا شك في أن هذا المنطق يثير السخرية وقد لا يصدق ولكنه حقيقي، ويبدو أن الحوثيين يعتقدون فعليا أن الناس لا يحتاجون إلى طعام وبأن سرقة مرتبات الموظفين هي طريقة لتضخيم الإحساس بالكرامة.
إزاء هذا العبث يصرخ اليمنيون اليوم بصوت مسموع وعبارات مبتكرة وساخرة مثل” من حقك تسرق، لكن لا تسرق مرتباتنا! “.
أما المدهش فليس سوى أن الحوثيين يتلقون هذه الانتقادات بابتسامة الواثق من فعل الشيء الصحيح، متجاهلين هذا التظاهر الساخر. قال إحدى القيادات العليا ببهجة:” نحن نسرق المرتبات لأجل الشعب! نحن نفعلها بالنيابة عنكم! “ثم أطلقوا حملات إعلامية على مواقع التواصل وفي المساجد وبمكبرات الصوت” لا يجتمع المرتب والكرامة!
يالهول النكبة. ومع ذلك، فإن الضحكة الحقيقية تكمن في الشعب اليمني الذي يستمر في التحمل والصمود أمام هذه الظروف القاسية والمحزنة