مطرٌ في صنعاء
كنتُ وحدي على سطحِ بيتي
وحبلُ غسيلٍ مضتْ فوقه الشمسُ أكثرَ مما تغرَّب صاحبُهُ ثم شابْ
قد تحاشتْهُ كلُّ الملابسِ خشية أن يتقطعَ
فاختار أن يتراقصَ في شمسِ يوليو ويصبحَ ذاكرةً
للثيابْ..
وتذكرتُ .. لم أكُ وحدي
على السطح أيضا بقايا المولدِ
أيضاً ولوحٌ على طاقة الشمس يعمل (كان)
و(دشانِ) متجهٌ واحدٌ جهة الشرق.. آخر للغرب نافذتان وصحنان تنبحُ منها الكلابْ
وعلى السطح خزانُ ماءٍ هو الثابتُ المطلقُ الأبيضُ المستبدُ السرابْ
وعلى السطح أسلاكُ ضوءٍ تعاقبتِ الكهرباءُ عليها كما تتعاقبُ أنظمةُ الحكمِ.. مثل الحكوماتِ
أو كالملايات فوق سريرِ القحابْ
البضائعُ تأتي من الصين.. تايوان.. كي إس إيه ومن كل بابْ
فعلى السطحِ يا وطني خردةٌ من حضارتنا في زمان الخرابْ
إنما من على السطح يا وطني مطرٌ يهطل الآن
تحفرُ حباتُهُ أعيناً في الثرى هن وعيُ الترابْ
كان في السحبِ ماءٌ أبرَّ بهاتف راعده فاستجابْ
يتحدّرُ سيلٌ ويمسكُ في كف أترابه واثباً مثل يوم الحسابْ
غاسلا من شوارعنا حافظات البلاستيك
ما جلبته الرياحُ من السوق من ورق وقراطيس شبسٍ..
وما خلفته الرجالُ الذئابْ
كان حبل الغسيل هنالك مبتهجا بالمياه ويشمتُ من شمس آبْ
وأنا كنت أكتب هذي القصيدة معتذرا
للحياة على السطح، للهامش الواضح الآن أكثر من أي متن،
وللعشب حين نما وتحرر من وطء أقدامنا في الغيابْ
كنت أنشرني فوق حبل الغسيل اعتذارا
لأشياء لم يفهم المطر الآن حكمتها في الجفاف
ولم تغتسل قط من أي إثم ولا من ثوابْ
كنتُ أفتح أبواب قلبي على سطح بيتي لريح جنوبية
وأفكر
في أي جنسية تحمل الريحُ
أي جواز وتأشيرة حملت للسحابْ
كي تداعب شعري على سطح بيتي الصغيرِ
وهل للرياح مطارٌ يفتشُها وبيروقراطيةٌ
مثل طائرةِ اليمنيةِ تسلبُها حقها في الذهابْ
أوهل تجد الريحُ
في الطرقات مليشيا تسد حواجزُها كل بابْ
هل حروب مع الريح أهلية ومنافي ومعتقلٌ واغترابْ
فلماذا تهب الرياح لماذا إذن لا تهابْ؟
_قد تهب لتنفض عن كاهل الأفق .. عن ظهر حبل الغسيل وعني
عن السطح.. عن بركة الزمن الراكد الآن هذا الضبابْ.