شوارعُ أُخرى
عند مفترقِ الشارعينِ
انتظرني
فإن جئتُ سِرنا سوِّياً،
وإن طال عنكِ غيابي
تأمَّلتَ مَن يعبرون جوارَكَ
دون وجوهٍ..
كثيرون في حيِّنا
يحملون ملامحَ حزني
كثيرون قد طعنوا العمرَ
في مقتلٍ، وأسالوا
دماءَ السِّنينِ بلا طائلٍ..
عندَ مُفترقِ الشارعينِ
سيشتمُّ نعلاكَ رائحةً
ليس يتقنُ توليفَها
موعدٌ آخرٌ..
عندَ مُفترقِ اللحظتينِ
ستجتاحُ فوضىً طبيعيةٌ
حلمتَي أُذنيكَ
ويعبرُ
بردٌ شديدٌ مسامَكَ،
خوفٌ مديدٌ حُطامَكَ،
حُزنٌ جديدٌ مقامَكَ،
موتٌ بعيدٌ كلامَكَ..
سوف تؤجِّلُ ما جئتَ من أجلِهِ
حين تعبرُكَ اللحظاتُ
التي عشتَ ترقبُها،
وتُفتِّشُ في هجسِها
عن قِناعٍ
يليقُ بعرشِ الكتابةِ،
رزقٍ بسيطٍ
يؤخِّرُ موتَ القصيدةِ..
تبحثُ عمَّا نظلُّ
نظنُّ أبا الطيبِ المُتنبي
أوصى به من نصيبٍ زهيدٍ
بميراثِهِ
لم تمرّْ عليهِ الأيادي،
أيادي الملايين من إخوةٍ
شعراءَ يتوقونَ
للاتِّكاءِ على عرشِهِ..
عندَ مُفترقِ النظرتينِ..
انتظرني.. سآتيكَ
مُمتطياً رغبةَ الابتكارِ
وبين يديَّ الهدايا
التي كنتَ أنت
تُجيدُ التهرُّبَ من صهرِها
في هشيمِ الخيالِ
وتغليفَها بالكلامِ الأنيقِ..
سآتيكَ مئتزراً حاجتي
وحوائجَكَ المُهملاتِ
وآتيكَ فوقَ شفاهي
كلامٌ جديدٌ،
على كاهلي أُمنياتٌ أجدُّ
وفي جنباتِ خيالي
شوارعُ أُخرى مُنمَّقةٌ
لا مكانَ بهندامِها المُتجدِّدِ
للافتراقِ..
انتظرني هنالك…،
حيثُ البدايةُ تشرعُ أبوابَها
لجيوشِ التمنِّي، وحيثُ
النهاياتُ لا تستطيعُ الكُمونَ
وحيثُ نُواري بلحظتِنا
سوأةَ الذكريات.
* من كتاب
لئلا تموت بخيلا