مقتل موظف أممي في التربة.. ملاحظات سريعة
مرت عشرة أيام أو أكثر على مقتل موظف منظمة الغذاء العالمية الأردني “مؤيد حميدي” بمدينة التربة، ولا جديد في مسألة إلقاء القبض على الجناة الحقيقيين المنفذين للجريمة غير التوهان في بحر من حلبة.
أصل الحكاية أن “مؤيد حميدي” قدم من عدن إلى التربة قبل خمسة أيام من مقتله؛ لممارسة مهامه وهو محاط بحراسة أمنية وفق برتوكول معروف؛ وقضى أيامه الخمس بالتربة يتحرك وحده بسيارته من دون أي حراسة أمنية! كيف تم السماح له بالتحرك من دون حراسة أمنية وليش؟
والله مالي علم!
في اليوم السادس؛ وتحديدا في ظهيرة يوم الجمعة الموافق 20/7/2023 تم اغتيال “مؤيد حميدي” بطلقات نارية صوبت عليه من فوق “موتور” تمكن من الهرب في نفس الوقت بمنفذي الجريمة!
على الرغم من أن مسرح الجريمة يبعد مائتين أو ثلاثمائة متر فقط عن موقع إدارة أمن التربة!
كاميرات المراقبة المتواجدة في أماكن متفرقة من مسرح الجريمة؛ رصدت تحركات الدراجة النارية التي اختفت بسرعة مثل فص ملح وذاب وعلى ظهرها اثنين ملثمين قالت الأجهزة الأمنية في التربة إنهم “زكريا عبد الرقيب احمد سيف الشرجبي” حفيد الشيخ الشهيد والقامة الوطنية الكبيرة “احمد سيف الشرجبي” و”أحمد الصرة” أحد أبناء الصبيحة المطلوب أمنيا في سوابق عدة بينما كان زكريا “نجل الشيخ أحمد سيف الشرجبي” هو الآخر مطلوب أمنيا منذ فترة في قضية مقتل مواطن في التربة.
الحملة الأمنية الأولى:
في يوم السبت، بعد مقتل الموظف الأممي بيوم؛ تحركت حملة أمنية من تعز إلى شرجب بقيادة أركان حرب اللواء؛ العميد عبدالعزيز المجيدي الذي تصرف حينها بلياقة رجال الدولة في التعامل مع الأمر.
وانتهت حملة المداهمة يومذاك بالقاء القبض على أكثر من عشرين شخصا من أبناء قريتي “واسر والحظا” مسقط رأس الشيخ احمد سيف الشرجبي، باعتبار أنهم عناصر مشتبه بها؛ دون أن يتم العثور على أحد المتهمين الرئيسيين “زكريا والصرة”.
غير أن الناطق الإعلامي لأجهزة الأمن أعلن يومها أنه تم إلقاء القبض على منفذي العملية.
في اليوم نفسه أصدر أبناء الصبيحة بيانا قالوا فيه إن أحمد الصرة موجود في الصبيحة؛ وأنه لم يغادرها منذ وقت طويل؛ داحضين بذلك أن تكون له أي علاقة بجريمة مقتل الموظف الأممي.
الحملة الأمنية الثانية:
في يوم الأحد، تحركت حملة أمنية أخرى إلى شرجب بقيادة مدير أمن التربة العقيد/ عبدالله سعيد الوهباني، كانت حملة إضافية معززة بقوة أمنية من أفراد عسكريين داهموا البيوت بطريقة بلطجية لا تمت إلى تصرفات رجال الدولة بأي صلة.
تم خلالها ترويع النساء والأطفال والعبث بمحتويات المتحف الشخصي للشيخ الشهيد أحمد سيف الشرجبي؛ بطريقة مهينة استهدفت مكانة وتاريخ الرجل الوطني وأحد كبار رموز الحجرية بشكل خاص ورموز تعز بشكل عام.
بين الحملتين:
واجه أبناء شرجب كل ما حدث أثناء الحملتين على قراهم بعقول راقية ومتمدنة ولم يستخدموا أي سلاح في وجه الدولة؛ معبرين بذلك عن سلوكهم الحضاري رغم محاولة استفزازهم أثناء الحملة الثانية؛ رافضين أي أفعال خارج النظام والقانون ومطالبين في نفس الوقت بأن تتعامل السلطات الأمنية معهم ومع ما يتعرضون له بروح الدولة؛ مش بروح رجال العصابات.
حيث لا يزال هناك أكثر من 20 شخصا من أبناء شرجب مسجونين على ذمة التحقيقات معهم.
وطالب الأستاذ خليل حزام أمين عام جمعية شرجب فرع تعز بتحقيقات شفافة تتدخل فيها الأمم المتحدة مباشرة ومندوب أردني؛ وعرض نتائج التحقيقات على الرأي العام لاستبيان حقيقة ما حدث في قضية مقتل الموظف الأممي.
كما طالب بالفصل بين جناية مقتل موظف الغذاء وبين الجنايات السابقة العالقة في ذمة زكريا والصرة وعدم خلط الأوراق في قضية لها ظروفها وملابساتها الخاصة وعدم استغلال حادثة مقتل موظف الغذاء لملاحقة جناة مطلوبين في قضايا سابقة لم تتمكن الأحهزة الأمنية من إلقاء القبض عليهم في حينها؛ مؤكدا أن شرجب واقفة مع الدولة في ملاحقة كل الخارجين عن النظام والقانون في كل القضايا التي تعبث بالأمن وبالسكينة العامة.
القاتل الدعوي:
هناك قاتل خفي يتحرك بين الناس في الشوارع وفي منابر الصلاة بكل أريحية ولا أحد يتنبه له أو يريد أن يتنبه له من أساسه؛ هو ذلك القاتل الدعوي الذي سبق حادثة مقتل موظف الغذاء منذ أشهر بحملات تحريضية شرسة وعنيفة ضد نشاط المنظمات الأممية العاملة في التربة.
تمشي في الشوارع وتشوف عرض الجدران عبارات كلها تسفه شغل المنظمات وتسمع في منابر الصلاة خطباء يسفهون هذه المنظمات ويتهمونها على الدوام بالترويج للدعارة وبتشجيع المجتمع على الانحلال..!
هذا الخطاب الدعوي يمارس القتل بصوت جهوري ويهيئ للقتل بشكل مباشر على مرأى ومسمع من سلطة الأمر الواقع في مدينة تعز.
الضحية الكبيرة:
من هو المستفيد من تكرار حوادث اغتيال موظفي الأمم المتحدة في مدينة تعز؟
بعد حادثة مقتل موظف الصليب الأحمر في تعز قبل سنتين أو ثلاث تقريباً؛ تلطخت سمعة هذه المدينة المسالمة وصارت توصف في بعض تقارير الأمم المتحدة بأنها وكر للإرهاب.
والآن يتكرر الأمر مع موظف الغذاء العالمي في نطاق نفس المحافظة التي تحكمها سلطة دينية لم تستطع أن تكبح جماح أفرادها المتكئين على خطاب دعوي تحريضي عقيم جعل من مدينة تعز، حاضرة الثقافة اليمنية، ضحية كبيرة لخطاب منفلت لا يخدم قضية الشعب اليمني قدر ما يخدم الحوثيين الذين يتهمون تعز بالدعوشة.
آخر ملاحظة:
يوم الجمعة الفائتة وقد مر أسبوع على مقتل موظف الغذاء؛ وأصبح هناك أكثر من 20 فردا من أبناء شرجب مسجونين على ذمة هذه القضية؛ كان خطيب الجمعة في قرية حظا مسقط رأس الشيخ أحمد سيف الشرجبي يخطب عن كربلاء وعن عاشوراء! ولا له أي علاقة بما يحدث لأبناء قرى شرجب المسجونين في قضية شغلت الرأي العام!
* من صفحة الكاتب على الفيسبوك