منبر حر لكل اليمنيين

لمواجهة الإمارات في اليمن الرياض تستدعي قطر

11

شهدت مدينة مأرب يوم أمس السبت إشهار ما يُسمى بـ ” المجلس الأعلى للمقاومة الشعبية في اليمن، وتم انتخاب المخلافي رئيساً للمجلس الذي يتسكع في شوارع تركيا منذ أن فر من تعز ومعه ملايين الدولارات التي نهبها من دول التحالف

وما هذا الإعلان إلا نتاج متوقع لطبيعة الصراع القائم بين الرياض وأبوظبي، حيث اختارت الرياض مواجهة أبوظبي عبر الدوحة التي تم استدعائها وبشكل علني للعودة للمشهد اليمني، وبهذه العودة تُقرر المملكة منح قطر فرصة اللعب على المكشوف وتحريك حلفائها على الأرض بما يتناسب مع متطلبات المرحلة المقبلة، التي تبدو بأنها ستكون مرحلة كسر عظم بينها وبين الإمارات

مهمة المجلس المُعلن عنه هي مهمة قد تبدو غير سهلة، خاصة وأن قرار إعلانه أتى بعد تشاور سعودي قطري والهدف منه مواجهة نفود الإمارات في مناطق متفرقة من اليمن، وهي رسالة سعودية أيضاً للإمارات بأننا نمتلك القدرة الأحادية سواء كانت مباشرة أو إيحائية على إحداث تغيير ملحوظ في الملف اليمني، ولعل إعلان المجلس قد أوصل الرسالة بكامل مضمونها، بأن دوحة الأمس المحاصرة سابقاً، هي حليف اليوم ولاعب إستراتيجي قوي في المنطقة لا يمكن تغافله أو تجاهله

وهذه الخطوة لا تعني بأن المملكة تسير في الاتجاه الصحيح بل العكس من ذلك بكثير، حيث هذه الخطوة تُشير إلى أن المسؤولون السعوديين يتلمسون أن نفوذ دولتهم الإقليمي والدولي آخذ في التراجع، في وقت يتقدم فيه النفوذ القطري من تحت أقدام قادة التحالف، وهذا الإخفاق أحد أهم أسبابه ليس غباء الإخوة في المملكة بل يعود أسبابه إلى أخطاء إستراتيجية أرتكبها النظام السعودي في اليمن، عندما سلم ناصية القرار إلى شلة متشددين الذين استبدلوا الشعارات العقيمة بالدبلوماسية، وتغاضوا عن الحكمة في التعاطي مع إرادة الشعب اليمني الذي أرهقه الفقر والحرمان والفساد وتلوث التحالفات الدنيئة وقمع الحريات، وعجزوا عن فهم دينامية المصالح المشروعة وطرق الحصول عليها، وكذا عجزهم عن فهم الواقع اليمني الذي أعرض عن فهمه الجميع

ولذا أقول بأن عودة قطر لواجهة الملف اليمني سيزيد من تعقيد الأمور، وبأن معطيات جديدة وخطيرة سيشهدها الملف اليمني، وبهذه النتيجة خابت حسابات الرياض، وقد يؤدي ذلك ليس إلى فشل الرياض وحسب، بل أيضاً إلى برودة ” الحلفاء” الذين سيذهبون للبحث عن بدائل ثابتة، وعن حليف صادق تاريخه حافل بإنجاب الانتصارات وليس بالإجهاض المُستمر

وعلى المستوى العام فإن هذا التحالف والتقارب السعودي القطري لمواجهة الإمارات بلا شك سيكون له تباعات خطيرة على اليمن واليمنيين، خاصة وأن تاريخ الثلاث الدول حافل بالكثير من الانتهاكات الإنسانية التي وثقتها منظمات حقوقية وإنسانية خلال فترة الحرب في اليمن، وهذه من المخاوف الشائكة التي يتشاطرها جميع اليمنيين حول هذه التحالفات التي تفتقد للرؤية السياسية والاقتصادية وتطلعات شعوب المنطقة

في خلاصة الأمر، لم يسبق للرياض أن وصلت إلى هذا المستوى من التقهقر منذُ إعلان الحرب على اليمن، فهي اليوم تُعاني الأمرين في الداخل والخارج، ولم يبقَ لديها ما تقدمه، في حال ثابرت على نهجها، سوى التهديدات التي توحد أعدائها مع خصومها، أو تلك التصريحات والوعود التي لم تعد تطرب أحد.

تعليقات