منبر حر لكل اليمنيين

هيئة للمصالحة أم لتعزيز الكراهية وترسيخ الأحقاد ؟

10

استطاع الغرب بعد أزمة النفط في العام ١٩٧٣، أن يقلب معاني المصطلحات ويحرف معانيها بمشورة من مهندس السياسة الأمريكية كيسنجر الذي قال بالحرف الواحد ، إذا أردنا أن نقضي على المقاومة ، فعلينا أن نصنع مقاومة مفرغة من محتواها ، وإذا أردنا أن نقضي على حركات التحرر ، فعلينا أن نصنع حركات تحرر بمقاييس إرهابية ، ونحن اليوم أمام هيئة للمصالحة ، لا تخلق سوى الكراهية .

نحن نعلم بأن المصالحة تعني تسوية النزاع ووقف أعمال العنف وإقرار السلم بمعالجة الأسس المسببة للنزاع ، بما يتيح للأطراف المتنازعة العيش المشترك في ظل العلاقات الجديدة التي تم ترسيخها ، لكن ما تم ترسيخه هو الكراهية ورفض العيش المشترك ، وقد رأينا ذلك من خلال العلاقات المتضادة بين أعضاء مجلس القيادة الرئاسي وكذلك أعضاء هيئة المصالحة نفسها .

إذا كانت المصالحة تعد طورا من أطوار تحقيق السلام في مجتمع فقده ، فإننا لم نجد أي خطاب لهذه الهيئة يتحدث عن ذلك ، كما أننا لم نلمس أي خطوة من الخطوات الثلاث للمصالحة ، وهي : تسوية النزاع بوقف أعمال العنف ، ولا معالجة مسببات النزاع ولا معالجة الآثار الناجمة عنه ، فالمصالحة تجمع بين الحقيقة والعدالة والاحترام والأمن وإحداث تحولات ثقافية ومجتمعية تهدف إلى إنهاء النزاع ، كل ما تقوم به هذه الهيئة ، هو تغييب الحقيقة والعدالة والإساءة للآخرين .

لم يقم أعضاء الهيئة بمسؤولياتهم الأخلاقية والسياسية ، وبدلا من تغذية حقوق الإنسان والعيش المشترك ، نجدهم يغذون ثقافة الحقد والكراهية وتجسيد ثقافة الصراع ، والسؤال الذي يطرح نفسه : كيف ستتحقق المصالحة في حين أن أعضاء الهيئة لم يغيروا مفاهيمهم حول أنفسهم وحول خصومهم في الوقت نفسه ؟ فجميع هؤلاء مازالوا يعطون لأنفسهم المسوغات التي تغتال الآخر وتسفه رؤيته وتبرر إلغاءه وإقصاءه .

أخلص إلى القول إن المصالحة ، هي عملية تغيير لمواقف أطراف النزاع وأحاسيسها ، تجاه ذاتها وتجاه خصومها في الوقت نفسه ، فهل تغيرت نظرة الانفصالي للوحدوي ، بمعنى ، هل سعت هذه الهيئة إلى خلق تقارب في أحاسيس المجتمع وبنت إطارا سياسيا مشتركا من أجل استتباب السلام ودعم النظام السياسي الناتج من الحل التفاوضي الذي أفضى إلى مجلس قيادة وإلى هيئة المصالحة ؟

تعليقات