منبر حر لكل اليمنيين

منع إقامة جلسات مجلس النواب هل هي مقدمة لإحالته للتقاعد؟

26

أثار التصريح الأخير للشيخ سلطان سعيد البركاني رئيس مجلس النواب اليمني الذي يعد الأطول في العالم؛ الكثير من الشكوك حول ما إذا كان هناك ترتيبات وشيكة لإحالة المجلس للتقاعد أو تجميد أعماله بشكل كامل.

حتى اللحظة لا يوجد أي مبرر لهذا التعطيل لكن الأحداث الجارية تكشف عن متغيرات عديدة أهمها إعادة رسم خارطة اليمن بما يتوافق مع الأجندة الإقليمية والتداعيات الجغرافية التي يتم تحضيرها في أذهان البعض والصراعات البينية التي لا تخدم مطلقا أي مشروع تجزئة.

الأمر الأهم في إزاحة مجلس النواب قد يكون لاعتبارات تشريعية، أي أن إحالته للتقاعد قد يفتح الطريق أو يتيح المجال أمام رسم خارطة جديدة لا يعتورها أي خطأ، ولا تقف أمامها أي سلطة تشريعية لها ارتباط بالمواطن والعملية الديمقراطية التي توقفت في العام 2009م، عندما رفضت قوى المعارضة ممثلة ب “أحزاب اللقاء المشترك” اقامة أي انتخابات قبل عمل بعض التعديلات، ورغم الاستجابة من قبل النظام الحاكم ومحاولة ايجاد أرضية مشتركة إلى أن تدافع الأحداث فوت على الجميع أي عملية ديمقراطية جديدة.

من المواضيع المريبة في هذا السياق هو دور “هيئة التشاور والمصالحة اليمنية” بقيادة محمد عبد الله الغيثي القيادي في المجلس الانتقالي الجنوبي وهو الأصغر سنا والأقل خبرة في الشأن السياسي من بين بقية الأعضاء المختارين: عبد الملك المخلافي، صخر الوجيه، جميلة علي رجاء، أكرم العامري.

إضافة إلى تأسيس “مجلس حضرموت الوطني” بمباركة من الأشقاء في المملكة العربية السعودية والذي أقيم على أراضيها وبدعم سخي وتضمين المشروع حضور رئيس المجلس الرئاسي الدكتور رشاد العليمي الذي ينتمي لمحافظة تعز الواقعة تحت الحصار الحوثي منذ سنوات.

صحيح أن المجلس المنقسم بين العاصمة المؤقتة عدن وصنعاء وعواصم الشتات بات ميتًا سريريا، وان عشرون عاما كانت ولا تزال كافية لإقامة مراسيم التشييع، لكن الأمر أشبه بعملية انتحار أو لنقل اطلاق رصاصة الرحمة في اللحظة الراهنة على جهة تعد في أبجديات السياسة ركيزة مهمة.

رهان المواطن وبرود الشرعية

إذا في حال تم تحويل المجلس للتقاعد ستكون الشرعية اليمنية التي راهن عليها المواطن اليمني كثيرا خلال السنوات الماضية منذ هروب الرئيس هادي من صنعاء، قد سقطت، بالمقابل سيتم منح الحوثيين آخر أوراق اعتمادهم سلطة حاكمة وجاثمة على صدور المواطن اليمني وثرواته ومقدراته بالطريقة التي تخطط لها هي بمساعدة خبراء أجانب منذ سنوات ليست بالقصيرة.

رسالة عضو مجلس النواب الشيخ محمد مقبل الحميري الأخيرة والتي أعقبها رد من الشيخ سلطان البركاني تعكس الأزمة البينية داخل أعضاء المجلس الواقعين في الأراضي المحررة من قبل الشرعية، والغير مستقرين، فهم إما في الرياض أو القاهرة أو مسقط أو العاصمة عمان أو اسطنبول، وهو الانقسام ذاته الذي يتداعى داخل المجلس الرئاسي، وحتى على المستوى الأفقي في كل تفاصيل حكومة الشرعية من حضرموت حتى تعز ومارب.

البركاني والعليمي تباين أم صِدام

إشارة البركاني إلى عدم دعم أو تحمس عضو المجلس الرئاسي رئيس المجلس الانتقالي عيدروس الزبيدي وكذلك رئيس المجلس الرئاسي الدكتور رشاد العليمي، لها تفسيرين اثنين الأول ما يزال متمسك بمسألة فك الارتباط، وإقامة أي جلسة لمجلس النواب في أي مدينة محررة يعطي طابعا شرعيا لاستمرار الشراكة تحت مظلة “الجمهورية اليمنية” والتي قضى عليها الحوثي قبل غيره.

التفسير الثاني وهو سؤال ذات أهمية هل هناك خلافات أو تباينات شديدة الحساسية بين أبناء المحافظة الواحدة تعز البركاني والعلمي، لا تزال بعيدة عن السطح، وهي نتيجة تراكمات تمتد من صنعاء بحكم موقع الرجلين لدى الراحل علي عبد الله صالح وانتمائهما إلى محافظة واحدة تعكس حساسية استمرت حتى حانت الفرصة.

على الجانب الآخر تظل توجيهات السفير (محمد آل جابر) وما يعتمل في الدهاليز هي الفيصل، ما يعني أن الخلافات جنوبا لن تنتهي ما لم تتفق (أبو ظبي والرياضي) على شكل الإطار السياسي القادم جنوبا، والذي سيدفع بعودة المعارك بصورة أوضح مع مليشيا الحوثي التي باتت تتصرف كما لو أنها المتحدث الرئيسي باسم اليمنيين والمدافع عن كرامتهم وسيادتهم فيما هم يموتون جوعا.

تعليقات