وداعًا دكتور محمد شُنيف.. الكاتب والسياسي القدير
بعد معاناة طويلة بعيدًا عن وطنه، ،غادرنا في رحلته الأخيرة منتصف ليلة الاثنين الماضي الكاتب والسياسي والصديق العزيز الأستاذ القدير محمد يحيى شنيف، بعد عقود من العمل في المجال الصحفي والسياسي والوظيفة العامة.
تلقيت الخبر على الصعيد الشخصي بقلب مكلوم وحزن دفين فاض منه الدمع وتأججت مشاعر الفقد ووجع الرحيل لإنسان وكاتب وسياسي قدير. هي المصائب كما يقال لا تأتي فرادى ففي كل يوم ومع هموم الوطن وشجونه واحزانه تلتهم منا ديار الاغتراب والمنافسة في كل اسبوع رحيل قامات اليمن الغالية وهاماته التي لم تفرط يوما بانتمائها الى يمن عزيز يسكن في سويداء القلوب. ولكننا لا نقول الا ما يرضي الله فالموت حق والرحيل مكتوب لكن نبقى نحن عبيد الله عاجزون امام حقيقة الموت الذي يداهمنا على حين غرة بعيدا عن تراب الوطن.
الأستاذ محمد هامة صحفية وإعلامية جديرة بالوقوف أمامها بكل احترام لما لها من ذكرى طيبة ومواقف لا تزال ماثلة أمام العيان بصفاته الجميلة هدوء ورزانه ودماثة خلقه مع كفاءته ونشاط لم يتوقف رغم مرضه وتوجعه..
لقد عانى كثيرا خلال الفترة الماضية من آلام واحزان كثيرة فارق وطنه الذي ظل يمني النفس بعودته مستقرا آمنا دون جدوى، ثم اختطف الموت شريكة حياته قبل عامين هنا في القاهرة، مما زاد من أوجاعه وضاعف أحزانه لكن الموت ترقبه حتى طوى صفحة شخصية نادرة وقلم مميز اعتبره واحد من أهم وأبرز الكوادر الإعلامية والحزبية الرائدة.
كان الراحل دائم التفاعل والحماس والمشاركة والادلاء بآرائه الرصينة والحكيمة حريص على وطنه ووحدته وأمنه واستقراره ومنجزاته الكبيرة ومكتسبات العظيمة، كنا نعده من خيرة القياديين في حزب المؤتمر الشعبي العام الذي حرص حتى سنواته الأخيرة أن يظل قائما بوحدته التنظيمية ورؤاه النافعة وأهدافه الحيوية.
جمعتني بالراحل لقاءات من وقت لآخر في القاهرة والتي نعتبرها بلدنا الثاني بعد اليمن خاصة وأن الأستاذ محمد درس وعاش فيها أجمل أيام حياته، وله فيها ذكريات كبيرة .
كنا نلتقي بين الحين والاخر لنتبادل الهموم أو لتجمعنا بعض الفعاليات الوطنية والتنظيمية، وكان دومًا كما عرفته صريحا إيجابيا نقيا وصادقا في آرائه وأفكاره، يحمل هم اليمن ويتوق إلى عودة السلام والأمن والاستقرار في عموم الوطن.
عرفت الأستاذ شنيف منذ ما يقارب الأربعة عقود في بداية الثمانينات، رجل هادئ، وقور، إعلامي متميز، عروبي وقومي، كان من أبرز الداعمين للعمل الطلابي والشبابي، متحمسًا لنشاط اتحاد الطلاب والعمل المدني في الجامعات، كما كان له ذكريات في شبابه وخلال دراسته في جمهورية مصر العربية و عضويته في الرابطة اليمنية التي كانت تمثل الطلاب من كل أنحاء اليمن.
شارك معنا في اتحاد الطلاب بالعديد من الأنشطة والفعاليات واهتم بتغطيتها اعلاميا وكان دومًا يشجعنا على توحيد الحركة الطلابية في الاقطار العربية وتعميق التعاون مع دول أوربا الشرقية لتوحيد الجهود وإنشاء اتحاد عام لأبناء اليمن.
تاريخ حافل من العطاء والانجاز في مختلف المواقع التي عمل بها سواء خلال رئاسته لصحيفة الميثاق لسان حال المؤتمر الشعبي العام أو من خلال ترأسه للدائرة الاعلامية والثقافية أو عمله الحكومي الذي كان آخر عمل له نائبا لرئيس مجلس إدارة المؤسسة العامة للإسمنت.
من الكوادر الكفاءة والنزيهة والوطنية، يحمل دومآ قيم الجمهورية والديمقراطية والوحدة.
شارك في تأسيس العديد من المنظمات ورأس مؤسسة المسار للدراسات والابحاث حتى وفاته رحمة الله تغشاه.
شاركنا معا في تنظيم كثير من الفعاليات والندوات والمؤتمرات وكان نجمها بلا منازع وفيا لمبادئ الثورة والجمهورية، وقدوة تنظيمية هائلة، تحلى طيلة حياته بصفات التواضع وحسن الخلق والتعامل الراقي مع رؤسائه ومرؤوسيه، واصدقائه ومعارفه، ودود ومهذب، مثقف مهموم بالوطن.
وأخيرا هناك نقطة مهمة متصلة بهذا السياق وهي ضرورة الاعتناء والإشادة بالكوادر التي كان لها باع في السياسية والإعلام والاقتصاد وخاصة كوادر المؤتمر الشعبي العام، من قبل المعنيين والأصدقاء وأصحاب الأقلام والرأي في ظل غياب الجهات الحكومية بسبب الحرب، إذْ لا يمكن أن نتذكرهم بعد وفاتهم فيما هم بحاجة ماسة إلى الحديث عنهم وهم لا يزالون على قيد الحياة بكامل صحتهم حاضرين بوجدانهم ومشاعرهم يتفاعلون كأنهم ولدوا للتو.
رحمك الله أخي القدير محمد وتغمدك بواسع الرحمة والمغفرة، الرحمة والخلود والتعازي الحارة لأولاده ومحبيه وأصدقائه، وقيادة وكوادر المؤتمر الشعبي العام، فرحيله خسارة للوطن والمؤتمر والمشهد الصحفي.