المقالح بين عشق اليمن ونبذ كهنوت الإمامة
الله كم كان يحمل قلب (د. عبدالعزيز) المقالح من الحنان والعطف على اليمن.
في كل أثر من آثاره، في شعره وفي كتاباته النقدية ونظراته التاريخية، هناك عاطفة أمومية قوية تجاه اليمن، عاطفة متجردة من الغرض، تتصاعد كأنها نفحات صوفية عرفانية.
وإذا لم تبهرك فكرة من أفكاره، وما أكثرها، وإذا واجهتَ تعبيراً ركيكاً أو صورة فنية باهتة، فإن شعورك الثابت بنُبل مقاصده يحفظ صورته في نفسك من الخدش والكسر.
رجل كله تهذيب وكله وقار وكله جلال.
* * *
عبد العزيز المقالح، من كتاب “أصوات من الزمن الجديد”:
“لقد أعد الإمام يحيى المشانق للفن كما أعدها في الوقت ذاته للحرية، فالفن والحرية صنوان لا يفترقان.
وخلال حكم ذلك الإمام تحطمت على مرأى من الناس عشرات الأسطوانات، وتم تكسير عشرات “الجرامفونات” المعروفة بصناديق الطرب، كما تم كذلك تحطيم وشنق بعض الآلات الموسيقية، كالعود الذي تم تعليقه في مكان عام من صنعاء، ردعاً لكل من تسول له نفسه استخدامها لإغواء الجماهير المؤمنة”.
“لم يكن إبعاد الفن عن الساحة اليمنية، ونفيه من حياة الإنسان اليمني، عملاً يراد منه الحفاظ على مكارم الأخلاق، وحماية القيم الدينية، وإنما كان ذلك الفعل نابعاً عن خطة مدروسة ترمي إلى كبت المشاعر البريئة للإنسان، وحرمانه من التعبير الصادق والصريح عن أحلامه، عن أحزانه وأفراحه، ومن ثم طمس أحاسيسه الإنسانية، وتحويله إلى حيوان ذليل صامت، يتحمل القهر والعذاب كقدر لا يمكن تغييره، أو التفكير في مواجهته”.
*نقلا عن “نيوزيمن” من منشورات للكاتب على صفحته في الفيسبوك